اراء و مقالاتمقالات وآراء

وزير مالية «صريح جداً» في الأردن… لماذا؟ … «غموض» في الاستحقاق الاقتصادي لكورونا

الرزاز يدير ملفات «التخطيط» والإرهاق طال الطاقم الاقتصادي

 يتجه وزير المالية الأردني الدكتور محمد العسعس مجدداً إلى الزاوية الأبعد في الشفافية والمصارحة وهو يتحدث عن «غموض» المرحلة المقبلة اقتصادياً، متوقعاً زيادة في العجز المالي بقيمة مليار دينار على الأقل بعد تداعيات أزمة كورونا.
ذلك يعني بلغة السياسيين الرقمية أزمة أكثر من حادة لا يمكن التنبؤ الآن بتداعياتها.

الرزاز يدير ملفات «التخطيط» والإرهاق طال الطاقم الاقتصادي

مؤخراً، تحدث الوزير نفسه عن «جفاف مصادر التمويل»، مما أثار سؤالاً كبيراً وسط المختصين على أساس أن فرص الاقتراض والتمويل اليوم متاحة. كما تحدث عن الأيام الصعبة المقبلة، متمنياً أن لا تلجأ الحكومة إلى «خيارات قاسية»، وهي وصفة يرى خبراء أن لها علاقة دوماً بأسعار الكهرباء والماء وارتفاع كلفة المعيشة، وإن لم يقل العسعس ذلك مباشرة. لكن ما الجديد في المسألة؟ فالشارع الأردني يستمع لمثل هذه التوقعات بلغة «القادم غامض وصعب» منذ أسابيع، والمجازفة بالمزيد من العجز من المرجح أنه خيار اضطراري كما توقع رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الدكتور خير أبو صعليك.
في نقاش سابق لأزمة الفيروس كورونا مع «القدس العربي»، كان أبو صعليك يحاول إقناع العسعس والطاقم الوزاري وكبار المسؤولين بضرورة قراءة «سيناريو المشهد اللبناني» آنذاك، مقترحاً بوادر أزمة قبل كورونا في الجوار، حيث الحراك الشعبي في العراق ولبنان يعني الكثير ولا بد من تمحيصه.
في الأزمة الأخيرة اختفى الرجل الذي أدار باقتدار مناورات الحكومة الضريبية في البرلمان وله مساهمة فعالة في النقاش المالي «الوطني» عن الرادار الإعلامي، وهو سلوك يفعله الخبراء فقط عندما يكتنف الغموض غالبية المعطيات.
وفي كل حال، وخلافاً للمعهود والمألوف، يطل الوزير العسعس مجدداً على الأردنيين عبر شاشة المملكة، مستعرضاً بالأرقام الحيثيات على أمل طمأنة الجمهور أو شرح ما يجري. ونادراً ما يفعل وزراء المالية تحديداً ذلك.
لكن الواضح أن الوزير النشط والمسؤول، عملياً وبدون انفراد عن الملف الاقتصادي في الحكومة، يريد من الأردنيين أن يستمعوا «منه لا عنه»، خصوصاً بعدما ظهر رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز في مشهد يعلق فيه معدلاً على تصريح سابق للعسعس.
يبدو العسعس أحياناً بموقع «الصريح الأبرز» في الطاقم الاقتصادي، خصوصاً أن حجم العمل الهائل والمجهد لوزير الصناعة والتجارة الدكتور طارق حموري، وفي مسائل خلافية ومع شخصيات خلافية جداً، يدفعه إلى المجال الحيوي للجدل ولا يسمح له بالتحدث كثيراً للإعلام بالتفاصيل.
بجانب العسعس ثمة وزير للتخطيط في الحكومة لا أحد لا في الشارع ولا حتى في النخبة ومؤسسات الإعلام يعرف هويته، وأحياناً ينسى الجميع اسمه أو صورته خلافاً، لأن أحداً لا يعرف ما الذي يفعله بصورة محددة بعدما ظهر علناً لمرتين فقط في هوامش أزمة كورونا.
في أروقة مجلس الوزراء يتردد بأن «وزير التخطيط الحقيقي» الذي يدير كل الملفات هو الرئيس الرزاز نفسه.. تلك معلومة مسربة لـ»القدس العربي» من مصدر وزاري تحتاج إلى اختبار وتوثق، مع أن مهام التخطيط في الظهور مع بعثات المؤسسات الدولية المانحة يحرص الرزاز فعلاً على إدارتها بنفسه، خصوصاً بعد تحرك العسعس من وزارة التخطيط للمالية.
يميل رئيس الوزراء للتحدث للأردنيين عندما يتعلق الأمر ببعض «الأنباء السارة أو المهمة جداً» ويقلل من الاشتباك الإعلامي في الاتجاه المعاكس.
وأغلب التقدير أن ذلك من الأسباب التي تدفع وزيراً مهماً في الحكومة ويدير مطبخها الاقتصادي من وزن العسعس للميل إلى مغادرة الصفة التي تحدث عنها هو شخصياً لـ»القدس العربي»، وهي «تجنب الإعلام والزهد بالأضواء».
حصل ذلك مع العسعس بعد اندلاع أزمة كورونا، وخلافاً للمألوف ظهر الرجل في الإعلام الخاص أيضاً عدة مرات، ومؤخراً بدأ يحسم جدل الأرقام بنفسه ويتحدث بالوقائع وبحكم قربه من دوائر القرار المرجعي. يمكن القول بأن تلك باتت السياسة المطلوبة على الأرجح، وإن كان بعض الوزراء يحجمون عن الكشف والشفافية في بعض الأحيان.
وفي المحصلة، يجد العسعس نفسه مضطراً للتحدث، لكنه وخلف الستارة لا يحظى بالمعطيات والمعلومات التي لا تخص وزارته والتي ينبغي وضعه بصورتها من قبل العديد من زملائه. وهو سلوك يعتبر شائعاً بين الحين والآخر ليس فقط ضد وزير المالية، ولكن ضد الوزراء العابرين للحكومة من مؤسسات القصر الملكي، مع أن الرؤية الملكية عموماً هي التي تعمل بموجبها الحكومة برمتها وبقية المؤسسات. وكل ذلك مع توفر خبرة وخلفية اقتصادية عن رئيس وزراء منع ظهور «خلافات أساسية» في المسألة الاقتصادية.
لكن الأهم أن عبارات محددة بدأت تتردد على الصعيد الحكومي تعكس صعوبات التوقع أو تمهد لمفاجآت قاسية لاحقاً، من بينها صعوبة الأيام المقبلة، وغموض المعطيات والمرحلة… يحصل ذلك مع أن الأزمة وبإجماع غالبية المختصين يمكن تحويلها إلى «فرصة».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى