اراء و مقالات

فضيلة المفتي و«الصرف الصحي»… في مصر لا تقلق «مهو كله ذرات» وفي الأردن: فدائيون جدد على شاشة «المملكة»

مين زكي جمعة ده؟ تذكرت هذه المقولة على هامش مسرحية «مدرسة المشاغبين»، التي أعادت بثها قناة «أم بي سي» مؤخرا لإمتاعنا بوجبات من الكوميديا الهادفة واللطيفة، التي تنتمي الى فترة الثمانينيات.
طبعا، زكي جمعة، الذي يسأل عنه الكوميديان الراحل سعيد صالح، رحمه ألله – مختلف عن ذلك الرجل الذي سلطت الأضواء عليه مؤخرا شاشة «الجزيرة» في تعاطيها مع «عواصف السوشال ميديا» المصرية، خصوصا على برنامج منتصف الليل.
الاستذكار يدرب الشطار، والكلام هنا عن مفتي الديار المصرية الأسبق، والشخصية الدينية البارزة الدكتور علي جمعة، الذي قبل عضويته في مجلس إدارة مؤسسة معنية بالصرف الصحي، وتأمين مياه الشرب للمصريين.
هذا التعيين أثار عاصفة من ردود الفعل بين جمهور الشارع المصري.
طبعا، «الجزيرة» التقطت المفارقات، وشاركت في الحوار وتوسعت في الحديث عن ما يجري في الهرم المصري، خصوصا وأن منصات التواصل للشعب المصري كانت منشغلة بالحدث.

الشيخ علي جمعه وجورج سيدهم

الجميع يسأل المفتي الشيخ جمعة، وهو شخصية أزهرية رفيعة المستوى، ما الذي دفعك للاهتمام بقبول عضوية مؤسسة معنية بالصرف الصحي وتأمين المياه؟!
سؤال، لا أحد يستطيع الإجابة عليه إلا المنظرين الخبراء في كيفية إدارة الأمور في الحكومات العربية.
ما يحصل في المنظومة البيروقراطية المصرية يحصل في الأردن وسوريا والعراق، ولم يعد يحصل بالمناسبة في دول الخليج، التي تتقدم إداريا بشكل لافت، وتدخل عالم العصرنة والتكنولوجيا وبخطط واثقة للإصلاح الإداري، فيما من فتح مدارسها وأنار مستشفياتها ودرب أولادها من خبراء دول بلاد الشام ومصر تتراجع الإدارة العامة عندهم إلى الحضيض.
في عمان مثلا، ببساطة الانتقال من مسؤول عن تسويق البيض الى وزير للتنمية السياسية أو من وزير مياه إلى مختص في الأحزاب ودوما يمكنك تولي حقيبة البيئة وأنت تعرف عن البيئة بمقدار معرفتك بالرقص الشرقي!
أحسب أن المطلوب لتنشيط الصرف الصحي في «أم الدنيا» شخصية دينية مؤثرة لديها «فائض مالي»، لأن المؤسسات «طفرانة»، من أكثر من «مفتي ما» قدرة على جمع التبرعات؟
المال والعمائم وتوزيع المناصب في عالمنا العربي مثل «كعك العيد» ثلاثية نعرفها جميعا.
وعلى طريقة الكوميديان الراحل أيضا جورج سيدهم، عندما خاطب الراحل سمير غانم قائلا «تئلئش… مهو كله ذرات». للتذكير سيدهم كان يزعم أنه «عالم ذرة» وغانم حاول تذكيره بأنه «صنايعي مجاري وصرف صحي».

«المملكة» والفدائيون الجدد

فرحت كمواطن ومتلق ومشاهد أردني جدا في التقرير الذي بثته فضائية «المملكة» شبه الرسمية عمليا عن مجموعات «عرين الأسود» أو «الفدائيون الجدد» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تخطف الأضواء ويمكن القول إنها مجموعات تهزم تلك النظرية الصهيونية القديمة، والتي قالت إذا مات الآباء والأجداد بعد احتلال فلسطين سينسى الأبناء.
على كل حال، لست ولا غيري في موقع تسليط الأضواء على ملثمي مجموعات عرين الأسود المقاتلة، فهؤلاء هم عنوان الكرامة والحياة، مع أهلنا الصامدين في الأرض المحتلة.
وما أهتم به قبل أي شيء آخر هو حرص فضائية «المملكة» على الالتقاط المهني الذكي والمشاركة في تسليط الأضواء على ظاهرة «عرين الأسود» عبر كاميرا دخلت الى الأزقة واستعراض بعض المعطيات والمعلومات، بما فيها تلك التي تقول إن هذا التنظيم الشاب والجديد في نابلس ومدينتين غيرها في الضفة الغربية المحتلة بدأ ينتج القلق والحيرة للعدو الإسرائيلي.
أصوت لتوسيع قاعدة التغطية الإعلامية الرسمية المحلية لما يحصل في فلسطين المحتلة، فالعدو واضح ومحدد ومعروف لنا كأردنيين.
تلك محطة إيجابية لطاقم الزملاء في إدارة محطة «المملكة» وهذا يعني أن الذهنية المهنية قابلة للتطور بمعنى أن تغطية سبل وتداعيات ونتائج العمل الفدائي المتقدم الآن في الأرض المحتلة لا يشكل ولا يمكنه أن يشكل أي خطر إستراتيجي على المصالح والثوابت الأردنية.
هذا جديد في المشهد الإعلامي، وهو جديد منتج نرفع له القبعات احتراما، وأملنا، بطبيعة الحال بعد رفع القبعات أن يتطور هذا الجديد في عقل التفكير السياسي وإستراتيجيات مراكز القرار في بلادنا .
وعلى أساس تلك النظرية الإبداعية لباحثنا الكبير الدكتور وليد عبد الحي، والتي يقول فيها من الآخر وبكل صراحة إن بقاء مصالح الدولة الأردنية العليا رهن بعد الآن بعنصرين: الأول هو تنويع مصادر التحالفات السياسية، وقد تكون تلك مغامرة تختلف مع الحالة الذهنية المستقرة لصناعة السياسة في عمان.
لكن العنصر الثاني هو تجاوز الحساسيات بكل أصنافها مع الشعب الفلسطيني.
أصوت اليوم لتلك المقولة، التي تفيد أن تجاوز الحساسيات في جميع أصنافها مع مكونات الشعب الفلسطيني، أصبح لبنة أساسية في بناء التخطيط للمستقبل، لا بل ضمان مصالحي الرسمية وغير الرسمية كمواطن أردني.
مجددا، انتهاكات قطعان المستوطنين وتحركات الفدائيين الجدد على شاشة «مملكتنا» نبأ سعيد، والتغطية هنا تستحق المتابعة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading