اراء و مقالات

تأجيل «القمة»: شكرا للجزائر وبعد «أودعك»: إصلاح الأردن يغني «وعدتني بالحلق خرمت أنا وداني»

تماما وحصريا كانت كاميرا أخبار «بي بي سي» تنقل صورة مدرعات روسية عسكرية تصطف قرب أوكرانيا، فيما كان المعلق الرئيسي في النشرة على الحدث يطالب  بـ«مستحقاته المالية مع زملاء آخرين» من إدارة المحطة التي تستضيفه.
صاحبنا «قناص»، ففي اللحظة التي حاولت المذيعة فيها طرح السؤال التالي عليه عن سيناريوهات المواجهة العسكرية كان يصيح «.. لم تدفعوا المستحقات».
يقال في بلادنا «شندي بندي». لو كنت مكان الزميل المعلق لقبضت أولا ثم قبلت التصوير والتحدث.
طبعا السلوك غير لائق والمذيعة ذابت خجلا واعتذرت للمشاهدين، مما يرجح أنها من الشريحة المحظوظة التي تدفع مستحقاتها قبل الهواء.

«بي بي سي» و«المستحقات»
الأهم، نحن قوم لا نهتم بالحرب العالمية الثالثة، التي تطرق الأبواب والمستحقات المالية الشخصية  بحفنة دولارات في القياس أهم من الكون المنشغل تماما بكل صغيرة وكبيرة لها علاقة بأوكرانيا بصرف النظر عن أسباب «تأخير أو عدم دفع مستحقات» المعلق الضيف والتي قد تكون بيروقراطية أو لها علاقة بوكيل قانوني أو بكسل محاسب ما.
تعاطفنا مع المذيعة و«بي بي سي» العريقة، وأميل لانتقاد تصرف الزميل على الهواء، وإن كان على الأرجح سبق أن طرق الأبواب الاعتيادية والشرعية.
لو فكرت في اقتناص لحظة مماثلة لطالبت بإعادة «ما نهبته عصابات إيران» من مقدرات الشعب العراقي وما نهبه الأمريكيون من «ربعنا في الخليج» والفرنسيون والانكليز من متاحف مصر، والإسرائيليون من الغاز الفلسطيني المسروق والمباع مجددا للأردن ولبنان.
هنا مليارات الدولارات أما أوكرانيا فلها الله وبايدن وباسم شعوب الفرجة أقول: اشتقنا ونفتقد العبارة التالية..«أكرم خزام.. الجزيرة. موسكووو».

الأردن بالسؤال: أين الحلق؟

«خرم الآذن». عادة قديمة في الأردن غالبا ما يلحقها بمجرد رش القليل من المعقمات «لبس الحلق».
لكن الإصرار على تقديم الوعود و«خرم الأذنين»، بدون حتى الإيحاء بوجود «حلق» من أي صنف عادة أيضا قديمة للحكومات المتعاقبة التي أكثرت من «لغو» الدراسات واللجان والإستراتيجيات وأخيرا المصفوفات.
على برنامج «تشويش» الكوميدي المبدع عبر شاشة فضائية «رؤيا» تعريض مباشر طوال الوقت بوعود النواب والوزراء وفي حلقة الأسبوع الأخير تحديدا فاصل دعائي بين مشهدين يتحدثان عن تأجيل الموسم الدراسي للفنانة وردة وبأغنية «أودعك».
بالتوازي استضاف التلفزيون الرسمي متحدثين باسم الحكومة لتفكيك جدلية «أوميكرون والطلاب» مع وعود مستجدة بـ»توفير مادة علمية ومخزون تعويضي للتلاميذ» بعد تأجيل الفصل الدراسي. وعود تعقبها وعود وسط غياب «اليقين»، والأهم شعور غالبية الأردنيين بأن الفائض التعليمي يحتاج لأعوام بدلالة مراقبة تصنيف الأردن بالسجل العالمي في التعليم وبتراجع فاق 40 في المئة.
لو اقترحت على الحكومة تجميد «الوعود»، ولاحقا وقف كل عمليات خرم أو ثقب آذان الشعب سأقصف بالعلبة إياها: عبثي. مروج للسلبية. لا تثق بالمؤسسات. مضلل ولاحقا «مندس» أو «توطيني».
أتعاطف مع فضائية «المملكة» وهي تكرر «الأردن هو المبتدأ ونحن الخبر». أتعاطف هنا من فرط التكرار مع الألوان و«المزيكا» وأخواتها خصوصا عندما يتعلق الأمر بوعود «المنظومة» الخاصة بفتح الباب على مصراعيه أمام العمل الحزبي.
بدأنا موسم الإصلاح والحمدلله بـ«هندسة الانتخابات» وانتهينا حتى اليوم بـ«أحزاب أنابيب» مصنعة كالخيار المهرمن في ثلاجة السلطة لكن عن بعد. هذه حقيقة يعرفها حتى أصدقائي الثقات الذين أغوتهم «نجومية» ماكينة هندسة المستقبل الحزبي.
دولة الأخ سمير الرفاعي مجتهد ونشط، لكنه في مدينة معان مجددا رفع سقف التوقعات حتى لا أقول «خرم الآذان مجددا» بعبارة يقطع فيها .. «زمن استهداف النشطاء والحزبيين انتهى وسيعاقب القانون من يتعرض  للحزبيين».
كدت أقترح التريث قبل الجملة القطعية لأن مشكلة العمل الحزبي أساسا ليس في الشعب بل في «عقيدة السلطة» وخشيتي بعد علمي بجدية الرفاعي يجسدها السؤال «أين الحلق؟».
لا يوجد ولو سنتيمتر واحد في أذن أي أردني ليس فيه طعنة من وعد أو ضربة من إستراتيجية أو رمية من ثقب لجنة أو مصفوفة. أخشى أن لا نجد عند الشعب لاحقا ولو مساحة صغيرة تصلح لتعليق «حلق» ولو معدني مصنوع بالصين. وهنا لا أشير للأذن فقط بالمناسبة.
عندها سنقترح على «شباب المنظومة» إحياء أوركسترا سميرة توفيق والعودة لإنعاش أغنية «وعدتني بالحلق… خزقت أنا وداني»، حيث يحتاج الإيقاع لمجاميع كومبارس تردد أي والله – أي والله».

قمة الجزائر

شعرت بقدر من الشفقة على  الناطق باسم الجامعة العربية حسام زكي وهو يعلن أمام مايكروفون شاشة «العربية» تأجيل اجتماعات القمة العربية في الجزائر لأسباب «فيروسية».
تجنبا لطرح أي سؤال إضافي عليه قال صاحبنا «للعلم لا توجد أسباب سياسية لهذا التأجيل»، لكنه فورا وحتى لا يتهم – لا سمح الله – بتزييف الوعي العربي وجد «حكمة كبيرة» في قرار الجزائر بالتأجيل فكرتها «تحسين المناخات السياسية بين الدول العربية».
والله ثمة غموض وحيرة عندي كمشاهد: ما دامت المناخات تحتاج لتحسين، فالعلاقات البينية ليست على ما يرام؟
عموما فعلتها الجزائر وأحسنت ونشكرها باسم البشر الطيبين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى