اراء و مقالات

الإصلاح الأردني: «كلن يعني كلن»… وفي البحر إسرائيل تعربد والأمريكي يحقق مع ضحاياها!

كل ما قاله السياسي الأردني المخضرم مروان المعشر يختصر في “المناداة بالهوية الوطنية الجامعة”.
لاحقا لتلك العبارة: “الهوية الوطنية الجامعة”..”عينك ما تشوف إلا النور” وعلى طريقة تلفزيون دراما ميلودي “مش حتئدر تغمض عينيك”.
المعشر، وقع في المحظور نفسه، الذي وقعت فيه سابقا عندما سألت: كيف يمكن لمواطن عاقل راشد أن يرفض العمل على هوية وطنية جامعة؟!
طبعا، لا توجد “تهمة معلبة” من كل الأصناف إلا قصف فيها المعشر، ومن يخطر في ذهن جارته لاحقا الدعوة إلى الهوية الجامعة .
على ما أذكر نائب رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة الفاضل سمير الحباشنة شاهدته على شاشة تلفزيون الحكومة وهو يتحدث عن “هوية وطنية واحدة للأردنيين”.
وعلى ما أذكر وعبر شاشة “المملكة” تحدث بنفس العبارات الدكتور فايز طراونة.
صديقنا المعشر يشعر بصدمة حضارية ولا يعرف كيف يتحول أي داعية للهوية الواحدة إلى “نصير للمشروع الصهيوني”.
أي والله. كيف إستطاع بعضهم تركيب المسألة؟ لا نعرف جوابا، لكن ما نعرفه أنك ستعاني عندما تقرر في الأردن التفكير في الإصلاح، فالرافضون لفكرة “الهوية الجامعة” على أساس أنها إمبريالية وصهيونية وميتافيزيقية..إلخ، لا يقولون لنا عن بديلهم فهو دوما “الهوية الفرعية”.
لا تستغرب أنت في الحالة الإعلامية والتواصلية الأردنية، حيث العجب العجاب وأطنان الإتهامات التي لا تبلى ولا تستنفذ فأسهل شيء على من يخاصمك في الرأي ربطك بالصهيونية، والأصعب مناقشتك للوصول معه ولو “إلى جملة وحدة مفيدة”، على طريقة مدرسة المشاغبين، التي شاهدتها بالمناسبة مؤخرا في عطلة جمعة على شاشة “أم بي سي”، فيما شبكة مراسلي الأخبار في التلفزيون الأردني تقول ضمنيا بهوية وطنية جامعة للأردنيين.

أبعد من مجرد «مقعد»

عادت شاشة “المملكة” وكررت وزادت في مشهد النائب المحترم عماد العدوان، وهو يصيح وينفعل رافضا مغادرة مقعد رئيس الوزراء، تحت القبة، مدافعا عن الشعب بحجة ارتفاع الأسعار.
عادت شاشة “المملكة” وكررت وزادت في مشهد النائب.
عبر برنامج حواري على فضائية “رؤيا” كان أحدهم يؤكد أن ما صدر عن النائب “حق دستوري”.
شخصيا، أمنية أهلي قبل رحيلي عن الدنيا أن أرى مجلس نواب بلدي يمارس فعلا صلاحياته الدستورية بعيدا عن ثقافة الـ”آلو” وقصة “أصوات وليس مشرعين حقا”.
طبعا، لو كنت وزيرا- لا سمح الله – لنصحت الرئيس بالجلوس مكان النائب وسط الشعب، بدلا من مغادرة المكان، ولأعلنت أن الحكومة والشعب يستضيفان بعضهما بعضا مؤقتا على مقعدين، لا معنى لهما عمليا، إذا لم يعُد الجميع – عندما أقول الجميع أقصد “كلن يعني كلن” – على الطريقة اللبنانية، إلى الاحتكام للنص الدستوري.
باختصار الصلاحيات الدستورية أكبر بكثير للنواب من مضايقة رئيس حكومة ومزاحمته على مقعده الخشبي .
لكن عندما يغضب أحدهم السلطة ينطبق عليه قول صديق لي يردد العبارة التالية على مسامعي “أضرب يا نقاوة عيني”.
إنها “الهندسة يا سادة”، حيث نتائجها تطبق معايير تناول المناسف في العزاء والأعراس وأهمها “لا تعرف مع من تأكل ولا مع من تغسل يديك”.
“الدالية تلولحت” بما يكفي في الأردن سياسيا بين مراكز القوى وصراعاتها وآن أوان إطلاق صافرة الحكم .
هي صافرة ضرورية الآن لاخضاع الجميع لخط واتجاه الإصلاح ونكرر “كلن يعني كلن” من فوق لتحت، وفي جميع أروقة القرار والموظفين والبيروقراط وجماعتهم.

عندما يحقق الأمريكي

خلافا للعادة عندما يتعلق الأمر بضحايا “إرهاب الكيان” الإسرائيلي مالت محطة “سي إن إن” الأمريكية، وعلى طريقة عادل إمام لـ”منتهى الدقة والترتيب”، وهي تتحدث في تقرير مفصل عن نتائج تحقيق أمريكي عسكري لحادثة الاعتداء على سفينة قيل إنها إسرائيلية.
القيادة الوسطى للجيش الأمريكي انشغلت عدة أيام في تقليب أصل وفصل بقايا جناح طائرة مسيرة هاجمت السفينة وقتلت ربانها في بحر العرب .
وفقا للشاشة الأمريكية بقايا الجناح “إيرانية الصنع” وبالتالي سنشهد قريبا حالة إتهام للجمهورية الإسلامية بهدف إضعاف المفاوضات المرتبطة بالنووي.
يعجبني أن الجيش الأمريكي بكامل عدته حقق ودقق في الجناح المعدني واستبعد نظرية أن تزور جهة ما قطعة معدن بحيث تبدو إيرانية الصنع!
عموما، ما يهمنا نحن العرب الضحايا دوما، ملاحظة أن الأمريكي لا يحقق ولا يدقق إلا عندما كان الهدف إسرائيليا والعكس غير صحيح، فإسرائيل تعربد في الجزيرة العربية والإقليم ولا أحد يهتم حتى في تفحص بصماتها عندما تفتك أو تقتل أو تغتال أو تقصف.
على مدار الأسبوع يقصف الاحتلال في سوريا ولبنان ولا تتحفنا “سي إن إن” بأي متابعة، ولو تافهة!
إسرائيل مدللة وستبقى كذلك على الأرجح، والتلفزيون العربي السوري سيبقى في حالة “إحصاء” فقط لانتهاكات الجيش الإسرائيلي، أما المشروع الإيراني فبدوره لديه أظافر في العراق واليمن ولبنان، ولا يحفل بما تقوله الشاشات الخليجية، ولا بعدد المناشف المسروقة من فنادق دبي… ونحن جميعا والحمد لله عالقون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى