اراء و مقالات

الأردن و»طلاسم» موظفي القمة: «الخلطة الثلاثية» ومجددا هل نستورد وزراء من الصين؟

يكثر يساريون وإسلاميون وليبراليون من النقد وهم خارج السلطة وعند استقطابهم لا يحتملون النقد بل سرعان ما يمارسون الارتماء في حضن أسوأ تعبيرات التسلط وأكثرها رجعية.

عمان-»القدس العربي»: ليس سهلا وعلى أي خبير التوصل إلى «استنتاج» سهل القراءة وينطوي على خلاصات ذات قيمة عندما يتعلق الأمر بمراقبة كيفية إدارة الأمور وقواعد الاشتباك بين عناصر «خلطة ثلاثية» في ما تسميه صحافة إسرائيل بـ»موظفي القمة الأردنية».

لا يمكن إطلاق الخيال السياسي لتتبع ثلاثية الاشتباك بين «الليبرالي والشيوعي والحرس القديم» في عمق مؤسسات القرار المحلية، لإن النتيجة وفي بعض المراحل قد تكون على شكل «طلاسم» وفقا للتعبير الذي استعمله الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد عضايلة وهو يستعرض مستجدات المشهد المحلي بعد الظهور المبكر لمشروع «تقليم» ملفات وثيقة تحديث المنظومة السياسية.
لماذا يصبح الليبرالي تحديدا متحمسا في «التبعية الاقتصادية» وأمركة «السيستم» بينما يتحول إلى «التوحش» قدر الإمكان في المسألة الديمقراطية؟ ولماذا ينتقل شيوعي أو يساري سابق اصطادته وظيفة عليا ما مؤخرا من ناقد موضوعي يلاحظ على أداء المؤسسة إلى مستغرق وهو ينام في حضن السلطة مسترسلا بارتداء زي التيار المحافظ؟
تلك أسئلة يمكن فقط لرموز سلطة ليبراليين أو معارضين يساريين سابقا الإجابة عليها إنطلاقا من الموقع رغم أن الانطباع العام هو أن بوصلة «وظائف القمة» تتبدل أصلا بهدف جذب التغيير، أو تنويع وجهات النظر في المساحة الاستشارية المرجعية.
ما الذي يحصل مع اليساريين والإسلاميين والليبراليين الأردنيين المعارضين سابقا ومعهم بعض الإسلاميين عندما تستدرجهم مقاعد السلطة؟ سؤال مثير ويتجول دوما وسط نخبة عمان ويتحول يوميا إلى لغز دفع البوصلة مرة إلى استنكار علني بعنوان «من أين نستورد الوزراء، من الصين مثلا؟».
تقود مثل هذه الخلطات إلى تعبير استعمله الشيخ العضايلة وهو «طلاسم».
ومن يشككون بحماس بمصير وثيقة تحديث المنظومة السياسية هذه الأيام يشيرون إلى الغرق بتلك الطلاسم مع أن النخبة الاستشارية التي يتفوق فيها العنصران الليبرالي واليساري تمكنا فعلا من «حشو» اللجنة المستشارة التي صاغت الوثيقة بعدد كبير من ممثلي ورموز التيار المدني الليبرالي وأصحاب نكهات اللون اليساري.
بالرغم من الزحام لكل الألوان انتهى الأمر بوثيقة «معقولة وفيها الحد الأدنى» ومفعمة بالتحولات الإيجابية وفقا لرؤية عضو اللجنة محمد الحجوج وزميله خالد البكار.
لكن بعد ذلك وعند الوصول إلى الذروة التشريعية تبخرت المعطيات بسبب وصفة للتعديلات الدستورية تبنتها الحكومة لكن كانت بلا أب سياسي عمليا وعملت على «تفخيخ» التوصيات فيما بقيت خطة «الليبرالي- الشيوعي» ساكنة تماما لا بل دعمت الاتجاه الجديد بدون توضيح للملابسات.
حصل ذلك رغم أن ممثل الحكومة الوحيد في لجنة المنظومة وزير التنمية السياسية حرص طوال الوقت وأمام «القدس العربي» ومعها على تذكير جميع الأطراف بأهمية المضي قدما إلى الأمام بعيدا عن الهواجس والمخاوف المعلبة.
يكثر يساريون وإسلاميون وليبراليون من النقد وهم خارج السلطة وعند استقطابهم أو حتى تحميلهم مسؤولية «التعبير عن السلطة» لا يحتملون النقد بل سرعان برأي وتقدير الناشط السياسي محمد خلف حديد ما يمارسون الارتماء في حضن أسوأ تعبيرات التسلط وأكثرها «رجعية».
هذا تحديدا قد يكون جزءا مما حصل مع وثيقة المنظومة التي يقترح الإسلاميون علنا «نعيها» والترحم على «شبابها المؤسف» بعد رحيل مضمونها مبكرا في رسالة وصلت لدوائر القرار لكن بوضوح شديد حتى الحكومة لاحظت أنها لم تؤد- نقصد الرسالة- إلى حراك مضاد ولو من باب «الحفاظ على ما تبقى» من قبل خلطة اليساريين والليبراليين التي تحكم استشارات الاقتصاد والسياسة اليوم في مقرات القمة.
لا جهد إطلاقا على صعيد الحكومة وطاقم القصر الوظيفي لمساعدة رئيس اللجنة الملكية سمير الرفاعي ومجلسي الأعيان والنواب تحت عنوان «إسعاف» وثيقة الرؤية التي أعلن القصر مرجعيا وعدة مرات ضمانه ورعايته لها فيما يغيب عن عملية الإسعاف أولئك الموظفون بالألوان السياسية الذين تركت لهم فرصة «طهي القصة» وحتى تركيب عضوية اللجان، ولاحقا العبث أحيانا في سجلات من تقرر تكريمهم بأوسمة وميداليات وبعدة مناسبات بدلالة حجم الشكاوى والبرقيات التي وصلت لرئيس الديوان يوسف العيسوي بصفته الشخصية والوظيفية وباعتباره «في أبعد مسافة» عن تجاذبات السياسيين وانتقائيتهم.
لا يعرف الأردنيون شيئا عن مواقف واتجاهات ممثليهم المختارين لتمثيل السلطة- يشرح الحديد- وهو يناقش بمعية «القدس العربي» معتبرا التناقض والفصام مرافقا مزمنا بالنسبة لهذا النمط المتسرع من الاستقطابات حيث لا برامج تصمد في الطبقات العليا ولا مجال أمام أي مثقف إلا الانضمام لحفلة «الواقع صعب التغيير».
لكن ما قاله الحديد يطرح سؤالا في غاية الأهمية: ما الذي تفعله الدولة بهذا التنوع اللوني السياسي الكبير وهو يتحول إلى عبء عليها؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading