اراء و مقالات

لغز عودة «شغب الملاعب» يثير حفيظة الأردنيين وجرس الإنذار يقرع مجددا

الأسبوع الساخن في ملاعب كرة القدم واليد الأردنية تجدد الأسئلة القديمة حول الخلط بين التعبيرات السياسية الانقسامية محليا وبين التنافس الرياضي المشروع.

عمان ـ «القدس العربي»: وجهت مؤسسة الأمن الأردنية رسالة جديدة بعد العودة غير المحمودة لظاهرة شغب وهتافات الملاعب عندما اعتقلت 10 أشخاص في مدينة إربد شمالي البلاد إثر شغبهم بعد مباراة كرة اليد وليس كرة القدم فقط، بين فريقين من نفس المحافظة.

ساند رسالة التوقيف هنا أمنيا الجهاز القضائي بفتح ملف تحقيقي مع المشاغبين العشرة الذين وجهت لهم اتهامات بالإخلال بالقانون بعد موجة مثيرة جدا وغير مفهومة شهدتها البلاد مؤخرا تحت عنوان حمى الاستقطاب الرياضي في أوساط المشجعين .
حادثة مدينة إربد تخللت مباراة لكرة اليد بين فريقي الحسين وكفر سوم، الأمر الذي يعني ان الإفراط في حماس التشجيع الرياضي عبر الهويات الفرعية طال حتى الهويات القروية والصمت عليه لم يعد من السيناريوهات المطروحة.
أحداث مباراة كرة اليد أعقبت رسالة أمنية أخرى خشنة تقول ضمنا للمحرضين على الكراهية بأن قانون الجرائم الإلكترونية سيتابعهم وذلك عند توقيف شخصين من مشجعي كرة القدم تجاوزا الحدود في نشر تعبيرات تحرض على الكراهية والفتنة.
قبل ذلك قرع جرس الإنذار بقسوة مجددا في الملاعب الأردنية مرتين على الأقل في يومين متتاليين، حيث رشقت قوات الأمن وسيارات المواطنين بالحجارة وحيث الاعتداء على مرافق رياضية بدون مبرر ومحاولة الاعتداء على فريق الفيصلي بعد مباراة جمعته مع فريق الرمثا فيما كانت أحداث الشغب المؤسفة تلحق أيضا بمباراة بين فريقي الوحدات والحسين.
وحجم ومنسوب التنابز وحصرا الإلكتروني بين مشجعي قطبي كرة القدم الفيصلي والوحدات وصل إلى مستويات غير مسبوقة حتى ان مباراة القمة بين أبرز فريقين في الدوري العام لكرة القدم اقيمت الجمعة بدون جمهور في قرار لاتحاد كرة القدم أظهر عجزه عن السيطرة على من أسماهم الإعلامي سهم العبادي «شوية زعران وبلطجية».
في كل حال عاد التحشيد بهتافات عنصرية إلى مباريات كرة القدم في الأردن. وعادت الهتافات الضارة وتكرر مشهد الاحتقان الذي ينتهي بشغب ملاعب مما نتج عنه طرح كل الأسئلة حول جدوى وإنتاجية أولا سياسات اتحاد كرة القدم وبقية المؤسسات الرياضية، وثانيا جدول لوائح وأنظمة قانونية التي لا تطبق بصرامة بين الحين والآخر.
السؤال الرياضي والكروي المتعلق بالملاعب وما يحصل فيها اليوم مؤرق ليس للرياضيين فقط لكن للمجتمع والدولة خصوصا وان النادي الفيصلي وبعد اتهام مشجعين للوحدات بالاعتداء على حافلته ولاعبيه بداية الأسبوع الحالي حذر مما أسماه «حصول ما لا يحمد عقباه».
واضح بالمقابل ان الصراعات والخلافات وكذلك التجاذبات داخل الأندية الكبيرة مثل الوحدات والفيصلي بدأت تقدم مساهمة فعالة في الطرق والآفاق المسدودة لمعالجة المشكلات لا بل بدأت تنعكس على الجمهور الكروي الذي يعبر عن الاحتقان هنا أو هناك وبين الحين والآخر.
تلك العودة للتشنجات الرياضية لا تقرع جرس الإنذار فقط لكنها يمكن ان تستخدم في التعبير عن أوجه قبح اجتماعية موجودة ومتاحة ومن الصعب إنكارها لا بل يمكن استخدامها لاحقا في ظل وضع معيشي واقتصادي صعب ومحتقن لتعزيز الانقسامات الاجتماعية وفي ظرف حساس.
وارتفعت بعد عودة ظاهرة تشنجات الملاعب تلك الأصوات التي تطالب بالردع وتطبيق القانون وتحذر من الاسترسال في استثمار التباينات الاجتماعية والصمت على الشغب والإساءات الناتجة عن الخصومات الرياضية .
لكن بالمقابل لا صوت محددا من المؤسسات الرياضية على الأقل بأي جملة تعترض أو تحاسب أو تردع والأمور تترك أحيانا منفلتة وان كان ما يحصل بحاجة إلى دراسة علمية أكاديمية لفهم تلك التعبيرات التي تثقب الأذان وتعاكس الروح الرياضية ومن بينها الإدعاء بان فريق الفيصلي يمثل الوطن وفريق الوحدات يمثل القضية، وهي إدعاءات نمت وتكاثرت وزحفت في الآونة الأخيرة على الصعيد الرياضي واستدرجت معها حالات اعتداء على ممتلكات عامة وخاصة وحالات شغب طارئة من الصنف الذي يضطر قوات الدرك للتدخل وأحيانا للاشتباك، حيث مديرية الأمن العام تقرأ المشهد بحرفية ومهنية وتعلن بانها لن تتساهل ولأي سبب مع أي محاولة لمخالفة القانون والاعتداء على المجتمع. والمعالجة الأمنية هنا فعالة لكنها لا تكفي وحدها بدون احتواء سياسي ونظرة أعمق من المؤسسات الرياضية والشبابية تعلن الحرب على أي تعبيرات شاذة تحت ستار ملاعب الرياضة وطبعا بدون الإفراط في المبالغات في هذا السياق .
ويمكن القول بأن خلاصة الأسبوع الساخن في ملاعب كرة القدم واليد الأردنية تنثر مجددا الأسئلة القديمة حول الخلط ما بين التعبيرات السياسية الانقسامية محليا وبين التنافس الرياضي المشروع .

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى