اراء و مقالات

الأردن يناضل لأبعد مسافة عن «سيناريو كورونا التونسي» لكن «القلق الفيروسي» مستمر والوزير «يعمل في صمت»

عمان – «القدس العربي»: وضعت دولة قطر الأردن ضمن قائمة صنفتها باللون الأحمر فيما يخص فيروس كورونا، بالرغم من أن السلطات الأردنية لا تزال في حالة الإعلان عن عدد إصابات ضمن الموجة الثالثة في معدل تحت السيطرة تماماً، لا بل انخفضت قياساً بثلاثة أشهر ماضية، وإن كانت قد ارتفعت الأرقام على نحو ملحوظ ومقلق خلال الأسبوع الأخير على الأقل.
ولم يتضح بعد ما هي الأسباب التي دفعت الجانب القطري لضم الأردن للقائمة الحمراء. لكن وزارة الصحة الأردنية تعلن عبر بعض الاجتماعات المغلقة بأنها اتخذت خطط طوارئ، وأنها تستعد لأسوأ الاحتمالات وأسوأ السيناريوهات بعدما أعلن الوزير فراس الهواري، وبصورة علنية، عن دخول البلاد في الموجة الثالثة للف يروس كورونا.
لكن الخبرة المتراكمة لدى أطقم وزارة الصحة في الاشتباك مع الفيروس هي عنصر الترجيح المنصف سياسياً حتى الآن، كما تفهم “القدس العربي” من وزير الصحة الدكتور هواري، الذي بدأ حضوره اليومي بيروقراطياً ينتج مساحات من صدقية الرواية وعدم التعجل بالقراءات العلنية، مع التركيز على الزهد أكثر بالأضواء والانصراف للعمل.
نقطة الجذب الأساسية في الجدل الفيروسي الأردني لها علاقة بما يعتقد بعض المراقبين أنه يشكل غياباً ملحوظاً عبر وسائل الاتصال والإعلام للجنة الوبائية الوطنية التي كانت تضخ في المجتمع الكثير من التقييمات والتقديرات والأرقام، في الوقت الذي عبرت فيه وزاره الصحة عن قناعتها بضرورة الالتزام بنص موحد يقدم للجمهور وسط القناعة الرسمية على الأقل بأن الخلافات بين الخبراء والعلماء داخل اللجنة الوبائية ينبغي ألا تصل للجمهور بسبب حساسيات التقدير الفني.
الوضع الفيروسي الأردني لا يبدو مثيراً جداً للقلق، لكن بعض مؤشرات ازدياد الحالات خصوصاً بعد نحو أسبوعين من عطلة عيد الأضحى المبارك الأخيرة بدأت تثير القلق وتقرع أجراس الإنذار بالنسبة لطاقم وزير الصحة الدكتور فراس الهواري، والسبب الابتعاد عن سياسات التباعد وعدم الحذر فيما يخص أنماط الوقاية، وحصول تساهل جماعي في المجتمع وحتى في بعض مكاتب الوزارات والمؤسسات المحلية بمتطلبات الوقاية والاحتراز. والوزير الهواري كان قد اعتبر أن ارتفاع أعداد الإصابات إلى نحو 2000 أو 2500 إصابة قد لا يشكل خطراً كبيراً، لكنه ينطوي على جرس إنذار مهم لا بد من الانتباه إليه.
حسب الوزير الهواري، فالسيطرة بالنسبة للقطاع الصحي العام على الوضع عموماً ممكنة ومستمرة إذا ما بقي العدد تحت سقف 2500 حالة. لكن الخبراء يشيرون إلى أن ارتفاع الأعداد إلى ما فوق الرقم المشار اليه، قد يعني عودة قرع أجراس الإنذار على النظام الصحي الطبي في القطاع العام خوفاً من حصول انهيارات وتراجعات، كما حصل في دول أخرى في الجوار مثل سورية وتونس وحتى في العراق والجزائر، وكما حصل من صعوبات في القطاع الصحي في بعض دول الخليج ومن بينها الكويت والسعودية. الأردن صحياً يريد أن يبقى في أبعد مسافة ممكنة عن “السيناريو التونسي”.
ويبدو أن الوزير الهواري يربط بين ثبات عدد الوفيات طوال أسابيع تحديداً وبين نسبة قال إنها تشكل نحو 85% من حالات الوفاة، نتجت عن إصابات لأشخاص لم يخضعوا لجرعتي التطعيم، في الوقت الذي يبدو فيه الوزير متفائلاً باستئناف برنامج التطعيم ضد الفيروس كورونا، دون توفير إجابات على التساؤلات العالقة في أذهان الخبراء أو حتى في ذهن الجمهور عن ملامح وطبيعة الموجة الثالثة لفيروس كورونا، خصوصاً وسط تقارير لمنظمات دولية تعرب عن القلق على المستوى العالمي. الأردن عموماً، وعندما يتعلق الأمر بالشأن الفيروسي، يحاول البقاء ضمن نطاقات السيطرة.
وما فهم من الوزير أن القطاع الطبي الصحي جاهز للتعامل مع أي سيناريو أو أي تقدم في الإصابات لا سمح الله، مع فارق نوعي هذه المرة له علاقة بتوفر خبرات ووجود مستشفيات ميدانية، حيث إن التحديات التي فرضها الفيروس على جميع الشعوب متماثلة، وتشكل تحدياً سافراً للنظام الصحي العالمي خلافاً لأن عدد المتلقحين أكبر بكثير من أي وقت مضى.
في قياسات الوزير الهواري، قد تحصل زيادات في أعداد الإصابات، لكن الجاهزية فعالة، والأمل كبير في أن يظهر المواطنون المزيد من الالتزام حتى لا تضطر الحكومة والسلطات إلى العودة لسياسة الإغلاق، وإلى التضحية مجدداً بالعام الدراسي، خصوصاً أن الوزير الهواري أكد أكثر من مرة مؤخراً بأن الدراسة لهذا العام ستكون وجاهية، دون أن يسند ذلك بأرقام وحيثيات وبيانات تثبت عدم حصول مجازفة في هذا السياق.
عموماً، يمكن القول بأن الأردن قلق وبحذر. وحسب الهواري، اليوم هناك إمكانات بشرية وإمكانات فنية ومهنية وطبية، ولا يوجد مشكلة اسمها المال، في تدبير شؤون برامج التصدي للفايروس كورونا حتى الآن على الأقل، لأن هذا الملف يحظى بالأولوية على مستوى القيادة والتوجيهات المرجعية، وحتى على مستوى الحكومة ورئاسة الوزراء، وبالتالي فإن التحدي في المقام الأول -حسب وزير الصحة- اجتماعي وثقافي وسلوكي بصورة أساسية. وللتحدي، حسب الوزير نفسه، علاقة بالقدرة على المتابعة وتوفر خبرات وكوادر بشرية وخبرات خاصة في الاشتباك مع الفايروس الآن.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading