اراء و مقالات

فلسطين ترد «علم المغرب» في كل مكان… ومباراة سايكس – بيكو «إنشالله يخسروا الفريكين» وتركيا «حج وبيع مسابح»

يرد شعب الجبارين في فلسطين على اللفتة المغربية الكروية بمثلها. كنت في رام الله عندما فاز «أسود الأطلسي» على البرتغال، وشاهدت مظاهر الابتهاج عند شعب تحت الاحتلال. حتى تلفزيون فلسطين المخصص للرواية الرسمية فرد مساحة إخبارية خاصة للفوز المغربي عبر نشرة الأخبار، فيما كان المعلق الرياضي في استديو «الجزيرة» التحليلي «يبتسم بعفوية» رصدتها الكاميرا بعد صافرة الحكم.
قالها أحد المارة أمامي على رصيف مقهى رملاوي: لا ننتبه للروايات الإبراهيمية ولا تهمنا… رفع المغاربة علم فلسطين في كل جنبات مونديال قطر فرفعنا علم المملكة المغربية على رؤوسنا.
يهدي الفلسطيني صديقا أو قريبا علم المغرب هذه الأيام. وشاهدت بعيني العلم المغربي مرفوعا في كل رواق ومكان رسمي أو شعبي وحتى في السيارات وبصفة «جماعية» وهذيان شعبي احتفالي اجتاح شوارع رام الله وقراها بعد انتهاء المباراة. وأحد الخياطين في زقاق في مدينة البيرة المحاذية أبلغني أنه حاك على الأقل في أسبوع واحد أكثر من 10 آلاف علم مغربي.

فلسطين وعلم المغرب

جلست في مقهى على رابية اسمه «النشامى» والتقطت صورة بجانب «تمثال مانديلا» وزرع الفلسطينيون أسماء الشهداء على حافة الأرصفة والأسواق. وفي المكان شارع يحمل اسم جمهورية مصر العربية وصورا في المنازل لصدام حسين وعبد الناصر… كيف تسرب كل هذا الحرص على الأشقاء لدى شعب يعاني تحت الاحتلال؟ هذا سؤال لا يجيب عليه إلا أهلنا في الضفة الغربية وفي مدينة الخليل التي لا تهتم عادة بكرة القدم لكنها تهتم اليوم من أجل تشجيع المغرب.
عموما حنين الفلسطيني للأشقاء العرب كبير وملموس في كل التفاصيل، فبغداد اسمها منثور هنا وهناك، ودمشق في المعارض، وصوت أحمد الشيخ كبير محرري «الجزيرة» يرن… «لو كانت شواطئنا حرة لسهر العرب عندنا مجانا وبدون رسوم».

حج تركي وبيع مسابح

حاولت شاشة سي إن إن تذكيرنا بخطورة «العملية العسكرية» التي يشنها الجيش التركي في شمالي سوريا فأعادت بث «اللقطة نفسها» عشرات المرات حيث يظهر مدفع ما يطلق قذيفة ما باتجاه مجهول.
شخصيا راقبت القذيفة ذاتها لأكثر من 12 مشهدا بسبب التكرار مع أني أعيش المشهد نفسه على فضائية المملكة الأردنية أيضا مع إضافة بسيطة تتمثل في استضافة معلق غامض يجيد العربية بلا طلاقة يصر على أن العملية العسكرية هي محض «دعاية انتخابية» للحزب الحاكم.
ما اكتشفته مؤخرا فقط وفيما يتعلق بالمشاهد المتلفزة المسيسة تبث بتكرار وعلى عدة شاشات وكأنها درس قراءة عند شيخ واحد. طبعا رائحة الانتخابات يمكن شمها وراء كل قصة أو حدث في الشرق الأوسط.
لكن عصفورتي أبلغتني تقديرها بأن العملية البرية المعلنة «قد لا تتم» في النهاية بقدر ما ستستخدم سياسيا وإعلاميا في الداخل التركي وفي الخارج، ويمكن للشعور القومي العربي المنزعج أن يستريح قليلا في الثلاجة إلى أن تستيقظ الأمة برمتها بعدما أمطرتنا الأنظمة الشمولية التي تطرح خطابات رنانة بغياب الديمقراطية بحيث أصبحت الأرض العربية أشبه بالكرم الذي سمح أصحابه لكل الدببة بدخوله.
من هو العراقي أو السوري أو المصري أو المغربي الذي أدخل الدب؟ الجواب على طريقة قناة «المستقبل» اللبنانية أيام زمان… «كلن يعني كلن» لأن التركي شمالي العراق وسوريا، وللأسف وبسبب «صراع قطبي الحزب الحاكم هناك» من نصف قرن وأكثر طبق قواعد اللعبة القديمة فهو «يحج ويبيع مسابح».
نعم … مشاهدة أغنية «خبطة قدمكم عالأرض هدارة» على الفضائية السورية أسهل وصفة لتقمص حالة «قوة موهومة» وهؤلاء في قوى الإقليم والعالم و»يلعبون معا فيما بينهم وسط جمهورنا وعلى أرضنا». أليست تلك واحدة من أكثر مباريات الكرة إنتاجا للتسلية القومية.
يمكن لبعض «مشايخ المولوينكس» التركيز على ملف «اللعب على أرضنا» وعلى حساب جمهورنا بدلا من إمطارنا بتلك «الفتاوى» التي تحاول المساس بأول إنجاز عربي حضاري حتى الآن منذ عقود وسجل للقطريين والدليل أن الشقيق المغربي يلعب اليوم «معهم» وفي القمة وعلى الصدارة لأول مرة في تاريخ الرياضة العربية وسط «جمهورهم وجمهورنا» حسب التعبير الذي استعمله، على الشبكة الرياضية التلفزيونية، المعلق السعودي فيما علم فلسطين وأكثر من غيره وبلا منافس أو منازع يرفرف في الأرجاء.

سايكس – بيكو

مباراة سايكس – بيكو كان لها مذاق آخر وسط جمهور رام الله الذي يتابع ليلا ونهارا قنوات بي ان سبورت القطرية ولسبب، طبعا يمكن فهمه، تمنى كثيرون في الشارع العام أمامي أن تخسر إنكلترا. لكن الأطرف هو ما قالته إحدى المسنات قرب مبنى مكاتب تنفيذية المنظمة وهي تناقش بعض الفتية فبعدما سألت عن من يلعب وقيل لها إنكلترا وفرنسا تبرمت وقالت: «الجهتين أنجس من بعض… إن شالله الفريكين (بالكاف) يخسروا».
بصراحة وباختصار متابعة كأس العالم والتفاعل معها في رام الله رغم كل شيء فيها هواء عليل يلامس الأرواح والكثير من اللذة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى