اراء و مقالات

بايدن يتحدى «التماسيح» و«يتشغنف» والجنرال غانتس «يجتث» زجاجة الماء وعند وظائف الأردنيين «مش مهم التخصص»

تحدث رئيس وزراء الأردن الدكتور بشر الخصاونة في حوار موسع مع قناة «بي بي سي» عن بعض ملامح خطط حكومته في الإصلاح الإداري، فيما بالتزامن يستمع مسؤول بيروقراطي لواحدة من أغرب المفارقات أثناء نقاش مع مواطن في إحدى محافظات الجنوب، هو أيضا موظف وعلى هامش زيارة عمل ميدانية.
النقاش يبدو طريفا للغاية، لكن يعني الكثير مما حاولت شاشة فضائية «المملكة» مرارا وتكرارا لفت النظر إليه، وهي تستضيف وزيرا سابقا تلو الآخر للتحدث عن أولوية إصلاح الإدارة العامة.
يخاطب الموظف مديره قائلا: لقد أعلنتم عن وظيفة شاغرة في نفس المؤسسة التي أعمل فيها. لدي ولدان الأول يحمل شهادة في الزراعة والثاني باللغة العربية، وعلى الحكومة اختيار أحدهما لإشغال الوظيفة الشاغرة والخيار بينهما سأتركه للسلطات العليا.
يبتسم المدير فيعلق مستفهما: لكن الوظيفة المقصودة تحتاج لأحد خريجي فرع الهندسة الميكانيكية؟
يرد المواطن الموظف: ليست مشكلتي. توجد وظيفة ولدي ولدان عاطلان عن العمل والميكانيكية نستطيع تدبيرها.
ذلك النقاش مثال حي وحيوي على الأرجح عما يقصده رئيس الوزراء، وهو يتحدث لـ»بي بي سي» وقبلها لتلفزيون الحكومة عن أولوية إصلاح القطاع العام والإدارة.

لا يهم التخصص

واضح تماما أن الحوار بين الناس والحكومة أشبه وأقرب إلى حوار طرشان فعلا .
في رأي الناس لا يهم التخصص ولا اعتبار للمهنية، وتدبير الوظيفة هو أول واجبات الدولة.
وفي رأي المسؤولين الشعب كالأطفال، كلما دبرت له قطعة حلوى طلب غيرها، فشعبنا طبعا حسب هؤلاء لم يختبر ولا يؤمن إلا بالدولة الرعوية.
سؤالنا الساذج البسيط: يا قوم. ألا يوجد بينكم راشد عاقل؟ ألا يوجد حل وسط بين الرأيين يعرفه العالم اليوم واسمه تمكين القطاع الخاص، حتى يصبح تعيين خريج لغة عربية في وظيفة متخصصة بهندسة الميكانيك أمرا مفهوما ويستحيل الاختلاف عليه أو التعايش معه؟!

دموع التماسيح

أجزم أن مراسل شبكة «كان» العبرية تقصد تسليط الضوء بالكاميرا على وزير الدفاع بيني غانتس، وهو يحاول فتح زجاجة مياه بأسنانه، ثم يخفق المرة تلو الأخرى، بهدف تشتيت الانتباه عن تلك الدموع التي هطلت بغزارة عندما اغرورقت عينا قائد القوم الملهم الرئيس جو بايدن، وهو يزور مركز الهولوكوست.
لا أصدق إطلاقا أي دمعة تهطل في أي ظرف على خد شريحتين من البشر، هما الممثل السينمائي وأبناء الطبقة الحاكمة في أي دولة، وأغلب التقدير أن محطة «سي أن أن» بمنبرها الناطق بالعربية على الأقل تلفت نظرنا إلى تلك الحقيقة وهي تعيد تسليط الضوء على دمعتي بايدن الذي شعر بالانتفاخ والتوجس واجتاحته مشاعر عودة الابن الضال إلى وطنه الأم، وهو يبكي متأثرا ومتشغنفا قبل توقيع ما سمي بإعلان القدس.
في المناسبة «تشغنفت» مفردة نطلقها في الأردن على من تتحدى التماسيح وتحرك كل عضلات الوجه، وهي تدعي البكاء وتمثله.
حتى على شاشة «فرانس 24» سألت مذيعة ضيفها الإيطالي عما إذا كانت الدمعة طبيعية، بسبب وجود خلل في وظيفة عصب الجفن في عيني الرئيس أم أنها دمعة التأثر فعلا لرجل عجوز في الثمانين عاد فجأة، وللمرة العاشرة إلى وطنه، الذي تصادف أنه «كيان احتلال».
في جدة وأنا أشاهد «الجزيرة» تبث تقريرا عن تحضيرات استقبال بايدن قبل اللقاء الموعود تخيلت توزيع أوراق صحية ناعمة على الزعماء العرب احتياطا لمسح دموع بايدن مجددا، لو قرر فجأة مثلا أنه شعر بالحنين للصحراء.
تلك دموع معلبة بكل حال ومخصصة لكيان الاحتلال المجرم.
وحتى تكتمل الحفلة كنت قد اقترحت على وزراء الخارجية العرب بمجرد مشاهدة الرئيس الأمريكي الدخول في وصلة «شغنفة دبلوماسية» لأغراض المبالغة في الترحيب بضيف «الأمة» فأحد رؤساء العرب كاد يخلع يوما كتف زعيم شقيق وهو يحتضنه في المطار من فرط المشاعر.
مع ذلك أشعر في بعض الأحيان أننا نسيء للتماسيح ونظلمها بعد كل هذا العهر السياسي، الذي لا يرتجى له غفران!

غانتس واجتثاث زجاجة

ما علينا، نعود لوزير الدفاع الإسرائيلي، وهو يصر في لقطة أثارت جدلا على تواصل العدو أربع مرات على اقتلاع غطاء زجاجة المياه بأسنانه، بينما كان يستطيع رفع الغطاء بكل بساطة بإصبعين، فيما الكاميرا الفضائية تلاحقه.
ذلك قد يعني الكثير في الذهنية الاجتثاثية، التي تؤمن بالالتهام والفتح القسري للأغطية الزجاجية على طريقة بريمر الشهيرة في اجتثاث حزب البعث.
تماما، هذا ما يفعله وزير دفاع العدو بزجاجة مياه صغيرة مسكينة معبأة في الأغوار المحتلة ومحلاة من مياه طبريا العذبة العربية، فما بالنا في ما يمكن أن يفعله جيش الدفاع الاسرائيلي باللحم الفلسطيني البشري ما دام ذلك الإلحاح الهمجي طارد غطاء الزجاجة البلاستيكية وبدون فائدة بالمناسبة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى