اراء و مقالات

هل بدأ الأردن في إزالة التحفظ على «مناكفة نتنياهو»؟

غانتس في واشنطن ووفد «عرب الكنيست» في القصر الملكي

عمان ـ «القدس العربي»: صاحب نصيحة علنية فكرتها «شرق الأردن هو الهدف التالي» على رأس وفد من أعضاء الكنيست العرب في القصر الملكي الأردني. رئيس قائمة الجبهة الديمقراطية العربية للتغيير في الكنيست الإسرائيلي، المحامي أيمن عودة، ترأس عصر أمس الاثنين وفد الكنيست العربي الذي استقبله رسمياً العاهل الملك عبد الله الثاني.
في صحبة عودة، الأب الروحي ومحب عمان وزائرها الدائم المدافع علناً عن وزير خارجيتها الدكتور أحمد الطيبي، وزميلهما عضو الكنيست يوسف عطاونة. الثلاثي المشار إليه ظهر، أمس الأول، فيما يمكن وصفه بأول مظاهرة للمكون العربي في فلسطين المحتلة عام 1948 في الشارع ضد العدوان وضد الإجراءات التي يحاول فرضها على المصلين المسلمين في شهر رمضان المبارك وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير.
لم يعلن طبعاً مضمون النقاش الملكي الأردني المفاجئ مع المجموعة العربية النشطة والمشتبكة في الكنيست، لكن في زيارته قبل أسابيع قليلة ورداً على استفسار مباشر من «القدس العربي» كان عودة ينصح ويقترح على الأردنيين بـ «الاشتباك أكثر؛ لأنهم الهدف الثاني ليمين إسرائيل المتطرف».
على مدار ثلاثة أيام وعدة جلسات، سمعت «القدس العربي» عودة يحذر ويطلب الانتباه، ويقترح بأن سياسة التهجير ليست فكرة يمينية فقط، بل مشروع يمارس في عمق الواقع اليوم.
في المقابل، لم يعد سراً أن هذا اللقاء السياسي المتأخر نسبياً مع أعضاء الكنيست يحصل بعدما تم تأجيله عدة مرات، لأن عمان كانت قبل السابع من أكتوبر حذرة ومتحفظة تجنباً لمزالق الانفتاح مع خصوم بنيامين نتنياهو.
وبناء على هذا التوثق، يمكن القول الآن إن الانفتاح المباشر وبهذا الحجم، قد يعني الكثير في الدلالة السياسية.
وقد تكون من أبرز رسائله أن الأردن في معادلة الداخل الفلسطيني بدأ يزيل التحفظ عندما يختص الأمر بتجنب إزعاج أو إغضاب بنيامين نتنياهو وطاقمه.

غانتس ـ واشنطن

يحصل في عمان بالتزامن مع انعقاد أول جلسة لعضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس في واشنطن مع نائبة الرئيس الأمريكي، التي استبقت اللقاء بأول تصريح أمريكي رفيع المستوى يستخدم مفردة «فوراً» إلى جانب عبارة «وقف إطلاق النار». عاهل الأردن كان قد عاد للتو من زيارة مهمة للولايات المتحدة ولبعض عواصم القرار الغربي.

غانتس في واشنطن ووفد «عرب الكنيست» في القصر الملكي

والطائرات الأردنية شاركت الأمريكية بإنزال مساعدات في قطاع غزة، ومستوى الاشتباك المتعاظم مع أطياف وشرائح النخب الفلسطينية يوحي بأن مخالفة نتنياهو ومناكفته هي مسألة أزيل التحفظ عنها في عمان، كما يوحي بأن التلاقي أصلاً مع حكمة نتنياهو أصبح مستحيلاً.
السياسي والبرلماني الأردني الدكتور ممدوح العبادي، مثل غيره من الخبراء، يواصل تكرار التحذير من أن «شلة اليمين الإسرائيلي» المتطرف لا تحمل العداء للأردن فقط، بل انتخبت على أساس برامج معلنة تعتبر شرق الأردن ضمن إسرائيل الكبرى.
وافق عودة عندما استفسرت منه «القدس العربي» على ما يقوله العبادي بدون ترتيب مسبق. والاستنتاج من مجمل الحراك الأردني مؤخراً بدأ يوحي بأن ورقة نتنياهو في طريقها للسقوط، وأن عمان التي خففت كثيراً طوال العامين الماضيين من مستوى التشاور مع قادة وممثلي المكون العربي في إسرائيل، تعلم ذلك مسبقاً أو اتجهت نحو التقاطع مع نتنياهو، في مرحلة أصبح التعايش فيها أو حتى التكيف مع سلوكه ليس فقط في غزة، بل في الضفة الغربية، مستحيلاً.
ولاحظ عضو البرلمان الأردني يزن شديفات، أن الفرصة مواتية للتأكيد على الثوابت السياسية والملكية الأردنية، وعلى قناعة الأردنيين بأن نفاذ اليمين الإسرائيلي بسيناريو التهجير في غزة يعني الانتقال إلى مسلسل تهجير أبناء الضفة الغربية، في خطوة وصفها ملك الأردن علناً بأنها ستكون بمثابة إعلان حرب، وشرحها وزير الخارجية أيمن الصفدي لاحقاً لـ «القدس العربي» بأنها ستكون خطوة في قمة العداء المباشر للمملكة ومن الصنف الذي لا يمكن قبوله تحت أي مسوغ ولا حتى التعايش معه.
■ لماذا تنفتح عمان فجأة على خصوم نتنياهو العرب في الكنيست؟
□ سؤال مهم سياسياً، لكن الإجابة عليه توحي ضمناً بمسألتين:
أولاً، لم تعد عمان تملك ترف البقاء في موقعها القديم عندما يختص الأمر بمكونات المجتمع الفلسطيني جميعها، وهو ما ألمح له أيضاً مع «القدس العربي» المحلل الاستراتيجي العسكري الفريق قاصد محمود.
وثانياً، أن مرحلة الصدام السياسي والدبلوماسي المباشر مع نتنياهو وطاقمه تجاوزت كل الأسقف، وعمان تريد قول وإظهار ذلك خصوصاً عشية ما يرد من تقارير حول إجراءات مستفزة قد تمس بالوصاية في القدس والمسجد الأقصى خلال شهر رمضان.

التواصل في العمق

بهذا المعنى يصبح التواصل أكثر وفي العمق مع الفلسطينيين هدفاً بحد ذاته، ويصبح دعم وإسناد النخبة العربية في الكنيست جزءاً من تصور وسيناريو أردني إذا ما عاد الجنرال غانتس من واشنطن وقد خلط الأوراق وأصبحت الفرصة مواتية لطي صفحة نتنياهو.
وتريد عمان نفوذاً مع قادة ورموز العمل الفلسطيني في عام 1948 لكن الطريقة الحكومية في تفويت الفرص والحرص على موسمية التلاقي قد تؤثر سلباً في أي جهد أردني في السياق. والأهم برأي الجنرال محمود وشديفات، هو البقاء في العمق والشراكة مع كل مفاتيح العمل الوطني الفلسطيني، لا بل مأسسة هذا العمل وديمومته وإبعاده عن الأداء الموسمي. جزء من تكتيك الأردن في بناء سيناريو فلسطيني أعمق وأشمل، يتطلب رسالة مرجعية عبر الثلاثي، عودة والطيبي وعطاونة، للمكون العربي في الكيان الإسرائيلي.
الاستنتاج هنا أن نشاطاً ملحوظاً يرصد أكثر مؤخراً مع طيف أوسع من ألوان النخب الفلسطينية، ونماذج عملية تحاول اختبار نصيحة فلسطينيين كثر مؤخراً اقترحوا على الأردنيين الغرق أكثر في التفاصيل الفلسطينية لتحسين موقعهم التفاوضي لاحقاً حفاظاً على مصالحهم في سياق المستجدات.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى