اراء و مقالات

الحكومة الأردنية ملأت فراغ «التعيينات» لكن «الأسئلة الكبيرة» بلا أجوبة

عمان- «القدس العربي»: حسمت الحكومة الأردنية التكهنات المتعلقة ببورصة الأسماء عندما قررت الاستعانة بوزير مالية بيروقراطي سابق في موقع إدارة القسم المختص بالاستثمارات التابعة للضمان الاجتماعي، فيما تقرر تعيين موظف كبير في مؤسسة الضمان الاجتماعي نفسها وهو محمد الطراونة مديراً عاماً بموجب قرار لمجلس الوزراء انتهى أيضاً بتعيين الدكتور عز الدين كناكرية.
والوزير كناكرية بيروقراطي ووزير مالية سابقاً، أصبح عن استثمارات المؤسسة الأغنى في البلاد والتي تحيط بأموالها حالة من الجدل السياسي ومخاوف لدى الرأي العام ومحاولات تأكيد من قبل الحكومة بأن حماية أموال الضمان الاجتماعي حصراً وهي أموال العمال والموظفين، من أولوياتها المطلقة.
ويبدو أن قرار مجلس الوزراء يستبدل الدكتور كناكرية الوزير السابق بالوزيرة الحالية للاستثمار خلود السقاف، التي كانت مسؤولة عن استثمار هذه المؤسسة الضخمة والمهمة جداً، والتي ثار حولها كثير من التساؤلات البرلمانية والسياسية لا بل الحراكية شعبوياً في كثير من الأحيان.
وبموجب قرار مجلس الوزراء، يجلس الدكتور كناكرية في موقع الوزيرة السقاف التي عينت بموجب التعديل الوزاري الأخير وزيرة لشؤون الاستثمار في الحكومة، وستتولى حقيبة الاستثمارات التي لا يعرف أحد عملياً أين هي وعلى أي أساس.
وبموجب قرارات مجلس الوزراء أيضاً، تم تعيين محمد الطراونة، وهو موظف رفيع المستوى عين بالوكالة أصلاً بعد إقالة أو إنهاء عقد حازم الرحاحلة المدير العام الأسبق لمؤسسة الضمان الاجتماعي، في مكانه. وبذلك يخلف كناكرية، وهو بيروقراطي كلاسيكي ينتمي للتيار المحافظ ولا يؤمن بالمجازفات، وفي عهده رفعت الضرائب وتوسع الاقتراض الخارجي عندما كان وزيراً للمالية مرات عدة.
وبالموجب أيضاً جلس الطراونة في مقعد الرحاحلة الذي شكل قرار الحكومة بإنهاء عقده على نحو مفاجئ قبل نحو أسبوعين علامة السؤال وتساؤلات وطرحت بموجبها سيناريوهات متعددة.
ولم يعرف بعد ما إذا كان وجود الثنائي كناكرية والطراونة على رأس مؤسسة في غاية الأهمية تمثل أموال العمال والموظفين الأردنيين عموماً، هدفاً بحد ذاته، أم رسالة تنطوي على محاولة طمأنة الرأي العام بأن الحكومة تعتبر الحفاظ على أموال واستثمارات مؤسسة الضمان الاجتماعي من أهم أولوياتها، خصوصاً أن التعيينات الجديدة تلتزم بالتقاليد الملتزمة عموماً، لكنها تعيينات لا تجيب عن الأسئلة التي دفعت رئيس الوزراء قبل ذلك لاستعارة السقاف، وهي مستشارة مالية كبيرة، ونقلها من إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي التابعة لوزير العمل ثم نقلها إلى الحكومة وزيرة، بمعنى فرض قيود سياسية وبيروقراطية على عملها.
ولا تجيب التعيينات الجديدة عن تلك الأسئلة المرتبطة عملياً بأسباب إنهاء عقد المدير السابق للضمان الاجتماعي، حازم الرحاحلة.
لكن الحكومة تملأ الفراغ هنا وتجري تعيينات على أساس تطمينات للرأي العام خصوصاً أن رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، قال علناً بأن المخاطر تحيق بموجودات وأموال الضمان الاجتماعي، حيث تبلغ الموجودات -حسب العبيدات- نحو 13 ملياراً من الدنانير، فيما تبلغ ديون الحكومة للضمان الاجتماعي باعتبار الحكومة المقترض الأكبر لصالح الخزينة من هذه المؤسسة نحو10 مليارات من الدنانير، وهي أرقام لم تصادق عليها بعد البيانات الرسمية المحلية للحكومة.
في كل حال، التساؤلات مازالت تحيط بهذه التغييرات في المناصب والوظائف العليا في مؤسسة الضمان الاجتماعي، والحكومة معدلات اقتراضها من هذه المؤسسة زادت ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة في عامي الفايروس كورونا.
وكان عضو البرلمان خليل عطية، وهو قطب برلماني بارز، قد وجه لرئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة أسئلة دستورية من تحت قبة البرلمان طالب فيها بإيضاح الأسباب التي أدت إلى إنهاء عقد المدير العام للضمان الاجتماعي السابق حازم الرحاحلة.
وطالب النائب عطية من الحكومة تزويده بالحيثيات والخلفيات والأسباب، لكن توجيه مثل هذه الأسئلة يوحي ضمناً بأن الارتياب موجود في خطط الحكومة المرتبطة بالضمان الاجتماعي، وخصوصاً المزيد من الإقراض وتوفير ضمانات لتلك القروض التي تستخدمها الحكومة في النفقات الرأسمالية والعامة.
عودة الوزير كناكرية محاولة لطمأنة الرأي العام على أموال الضمان الاجتماعي وبقاء موقع المدير العام في هذه المؤسسة بين يدي الكادر الوظيفي الخبير فيها، هي رسالة ثانية، لكن السؤال سياسي وإعلامي وشعبوي بامتياز: هل تنجح خطوات الحكومة في تبديد المخاوف المتعلقة بأموال الضمان الاجتماعي باعتبارها أموال الأردنيين؟
هل يُعدّ تسليم ملف الاستثمار في مؤسسة الضمان الاجتماعي لوزير مالية سابق معروف بالتوسع في الاقتراض الخارجي، خطوة في السياق نفسه؟
هذا هو السؤال، ويبقى معلقاً بالرغم من تلك التعيينات؛ حيث لا تتحدث الحكومة علناً لا عن ديونها المستحقة للضمان الاجتماعي ولا عن كيفية سداد تلك الديون، ولا عن طبيعة التنقلات والتعيينات التي أجرتها وكذلك مراميها، خصوصاً بعدما استقطبت الوزيرة السقاف لملف الاستثمار.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading