اراء و مقالات

مستجدات «التعديل» في الأردن: تجاوز حادثة «قطامين»… «رواية» سريعة بلسان الحكومة و«توقع الأحداث» قبل حصولها وإحياء «دور وزارة النقل»

الحكومة الأردنية في حلتها الجديدة وبعد التعديل الوزاري الأخير، تبحث عن طريقها للمضي قدماً بقدر أقل من الضجيج، ودون مزيد من الفوضى، وعلى أساس تحقيق أعلى انسجام ممكن بين الفريق الوزاري بعد تعديله بصورة جعلت الحكومة أكثر هدوءاً في التعاطي مع الملفات والمشكلات والتحديات. وبذلت رئاسة الوزراء خلال الساعات الـ 48 ساعة الماضية جهداً ملحوظاً في سياق تجاوز الإشكال الذي نتج عن تقديم وزير العمل السابق في الحكومة الدكتور معن قطامين لاستقالته على نحو مفاجئ بعد أداء اليمين الدستورية وبعد قبوله البقاء في الحكومة وزيراً للعمل ثم حضوره الاجتماع الأول مساء السبت، قبل تقديم استقالة مفاجئة يتحدث فيها عن ثورة ضد الاستثمار وليس ثورة لصالح الاستثمار، حيث نص خطاب الاستقالة.
ورغم أن الوزير السابق قطامين تحدث في خطاب استقالته الذي قدمه للرئيس الدكتور بشر الخصاونة، عن محاولات تفكيك العلاقة بين وزارة العمل وملف الاستثمار، معتبراً أنه حاول الجمع بين الملفين لتحقيق فارق في الحكومة، إلا أن الحكومة رأت في مغادرة الوزير قطامين وبالطريقة التي غادر فيها بعد أداء اليمين الدستورية أمام الملك، خطوة إيجابية تدفع الطاقم الوزاري للاسترخاء بعيداً عن الخطابات الشعبوية أو بعيداً عن مخاطبة الرأي العام وغرائز الناس.
وبالتالي، أخفقت تجربة ضم أحد الناقدين الكبار للحكومة مجدداً، وإن اعتبر الوزير المختص بشؤون رئاسة الوزراء الدكتور إبراهيم الجازي، في تواصل مع «القدس العربي» بأن الحكومة ماضية في القيام بواجبها على أساس أن المعيار ليس شخصياً ولا فردياً في كل الأحوال.
وكان القطامين قد أثار ضجيجاً واسع النطاق عندما استقال من الحكومة بعد أداء اليمين الدستورية، لكن لوحظ على نطاق واسع بأن الرئيس الخصاونة بادر وفوراً وبلا نقاش من أي نوع لقبول استقالة وزيره بعد ساعات فقط من أداء اليمين الدستورية، ثم صدرت إرادة ملكية في اتجاه قبول استقالة القطامين وتعيين وزير التنمية الاجتماعية رياض المفلح وزيراً مؤقتاً للعمل بالوكالة، حتى يتسنى للرئيس الخصاونة اختيار بديل مهني يتولى إدارة وزارة العمل التي تعدّ من أهم الوزارات.
وظهر الوزير المستقيل في شريط فيديو ينتظره الشارع للتعقيب على قرار استقالته وتوضيح الملابسات، وبدأ هذا الشريط ببيت شعر لقصيدة بدوية دون أن تتضح جميع الملابسات.
وعلى جبهة الوزراء الجدد في حكومة الخصاونة، يبدو أن توجيهات الأخير تقضي بالعمل وفق خطة مدروسة وضمن أقصى طاقات الانسجام.
وقد بدا لجميع المراقبين أن الفريق الوزاري يحاول التماهي مع النكهات التي تمت إضافتها سياسياً على الطاقم، فقد برز وزير شؤون الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزير صخر دودين، بسلسلة من المبادرات السريعة التي أظهرت ولأول مرة وجود ناطق رسمي قادر على المناولة والمتابعة والرد على أي تساؤلات وفي الوقت المناسب، وهذه صيغة من العمل سبق أن تجنبها العديد من وزراء الإعلام في الحكومات المتعاقبة. وبوضوح شديد يلمسه العاملون في حقل الإعلام، يجتهد الوزير دودين في الرد وبسرعة على أي تسريبات أو تساؤلات أو حتى أقاويل وشائعات.
ومن الواضح أن الوزير دودين يتبع صيغة في العمل تتمسك بأن تقول الحكومة روايتها بسرعة فعالة رداً على ما يرد في منصات التواصل ووسائل الإعلام وبطريقة لا تترك الاجتهاد ولا تترك النصوص المضادة في سياق المعلومات دون رد وبدون رواية حكومية صلبة، الأمر الذي يؤشر على أن الناطق الرسمي الجديد حصل على صلاحيات واسعة من رئيس الوزراء في قطاعه، وأصبح فوراً جزءاً من مطبخ القرار في الحكومة، ومطلعاً على جميع الحيثيات، بحيث يستطيع الاشتباك مع السيل الجارف من الانتقادات والتسريبات والتساؤلات التي تتغذى عليها وتتحول إلى شائعات في أوساط القطاع العام الشعبي.
وظهر الوزير دودين بعد اقل من 24 ساعة على تعيينه مسؤولاً عن ملف الإعلام 3 مرات على الأقل، وبالتالي أصبح لدى الأسرة الصحافية والإعلامية والشارع رواية سريعة للحكومة عن الأحداث التي تطرأ أو الأسئلة التي تطرح وبعبارات واضحة وملموسة.
وحرص وزير الداخلية الجديد العميد العسكري سابقاً مازن الفراية، على عقد اجتماع سريع مع الحكام الإداريين في وزارة الداخلية وعبر تقنية الاتصال عن بعد، متمسكاً بصلابة الإجراءات القانونية والحرص على تطبيق جميع تعليمات قانون الدفاع في المرحلة اللاحقة.
الجديد في لغة وزير الداخلية تمثل في تلك العبارة التي صدرت كتوجيه للحكام الإداريين من الوزير الشاب والجديد، وهي عبارة طلب فيها من الحكام الإداريين عدم انتظار وقوع الأحداث، لا بل توقعها مسبقاً والاحتياط لها. ويعني ذلك أن الوزير الفراية، وبحكم خبرته العسكرية الطويلة أولًا في القوات الخاصة، وثانياً في إدارة خلية الأزمة بخصوص الفايروس كورونا، يسعى إلى تطبيق نمطية جديدة فعالة أكثر وسريعة وقادرة على المبادرة في أعمال وزارة الداخلية، وتلك النمطية تستند إلى قراءة الأحداث وتوقعها بالحس الأمني قبل حصولها، الأمر الذي مثل رسالة أو مؤشراً على نمط جديد في التعاطي مع ملفات الوزارة السيادية التي تعدّ من أهم الوزارات في الأردن.
وسارع وزير الزراعة الجديد أيضاً إلى اتخاذ قرارات حول قضايا كانت معلقة. والوزير الجديد وهو المهندس خالد حنيفات، من الطاقات الشابة والديناميكية أيضاً، وقد اتخذ من اليوم الأول عدة قرارات في ملفات عالقة في وزارة الزراعة وأصدر العديد من الإجراءات المبكرة، خصوصاً على صعيد المرونة في إصدار تراخيص الاستيراد لبعض المنتجات الزراعية ووضع لائحة ضبط مع شكاوى المزارعين وتشكيل لجان لمتابعة قضاياهم مع بقية الوزراء.
أما وزير النقل وهو الوزير السابق وعضو مجلس الأعيان المخضرم وجيه العزايزة، فقد بدأ تسلم مهامه ويدرس الملفات التي يعتبرها الآن الأكثر أهمية، وهي تتعلق بنمطية العلاقة الإدارية بين الهيئات المستقلة التي تتولى إدارة شؤون قطاع النقل الحيوي، وبين الوزارة كمركز سلطة وقرار، وهو التحدي الأبرز أمام العزايزة المتمثل بإحياء وزارة أقصتها الهيئات المستقلة في الماضي عن مشهد القرار وصنع سياسة قطاع النقل.
ويبدو أن الوزير العزايزة مدرك لوجود إشكال في العلاقة الإدارية بين الوزارة والهيئات المعنية بقطاع النقل، ويسعى إلى تفكيك الإشكالات التي تحول دون التعاون بما فيه الخير العام والمصلحة التي تهم هذا القطاع الحيوي والمؤثر في نطاق الاستثمار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى