اراء و مقالات

العجز العربي وتقديم شيء ملموس للأهل في غزة؟

سؤال ملح في الأردن: كيف تتم مغادرة منطقة

عمان ـ«القدس العربي»: يمكن ببساطة رصد وملاحظة عدد الحضور والمشاركين الأردنيين حصراً في مؤتمر خاص لدعم المقاومة الفلسطينية وللمطالبة بالحرية لفلسطين، استضافته مدينة إسطنبول التركية خلال اليومين الماضيين، بحضور بعض قادة فصائل المقاومة، بتنظيم عدة مؤسسات.
في المقابل، يمكن أيضاً رصد حالة التكثيف التي انتهت بتوقيع مئات من الشخصيات الأردنية البارزة على وثيقة مبادرة النداء الفلسطيني، التي تطالب بالخط العريض بإعادة بناء المرجعية الفلسطينية على أساس منظمة تحرير جديدة تضم جميع فصائل المقاومة، كما تطالب بشبكة أمان عربية وإسلامية للفصائل المقاومة الفلسطينية.
عندما يتعلق الأمر بمؤتمر إسطنبول شارك نحو 50-60 شخصية سياسية أردنية وبرعاية منتدى الوسطية الإسلامي، أغلبها طبعاً من قادة ورموز الحركة الإسلامية، في تظاهرة عالمية الطابع شارك فيها نحو 300 شخصية من العلماء والناشطين الأجانب والعرب والإسلاميين، من نحو 25 دولة.
الأهم في لقاء إسطنبول هو الكثافة العددية والحضور القوي في المداخلات لرموز التيار الإسلامي وبعض الشخصيات الاجتماعية والوطنية المحلية الأردنية، والنشاط في الأروقة والمبادرات والخطابات تحت عنوان واحد وواضح وقفت خلفه الحركة الإسلامية، وهو البحث عن مساحة إضافية استراتيجية لمغادرة منطقة العجز العربي وتقديم شيء ملموس للأهل في قطاع غزة وللشعب الفلسطيني المقاوم والمناضل.
شغف الأردنيين مع استمرار معارك غزة والعدوان، ينمو ويزحف ويزيد بمقاربة لا تقف عند حدود التظاهر والتعبير.
وهذا ما عبر عنه عضو البرلمان الأردني الإسلامي الشاب النشط ينال فريحات، عندما تحدث عن الإحساس العام لكل النخب الأردنية سواء في التيار الإسلامي أو غيره، لتقديم ما يتجاوز الدعم الإعلامي والتظاهر في الشارع للأهل الصامدين الذين يدافعون عن مستقبل الأردنيين قبل كرامة الأمة وقبل مواجهة العدوان العسكري الإسرائيلي البربري.

سؤال ملح في الأردن: كيف تتم مغادرة منطقة

يضرب خلال وقفة نقاشية مع «القدس العربي» هنا وتراً حساساً في فهم الأردنيين عموماً لطبيعة وجوهر وأعماق المعركة الحالية التي حملت اسم طوفان الأقصى، ويضرب عمقاً إضافياً مثل غيره من الشخصيات الوطنية وعلى رأسها أحد مهندسي مؤتمر إسطنبول الناشط الأردني مروان الفاعوري، وهي المسألة التي تتعلق بفائض القوة والتضامن والبحث عن معادلة تضامنية منتجة في الواقع تتعدى التعبير العلني، وتعكس حقائق التأثير في القرار السياسي الأردني تجاه كل تفاصيل ومستجدات القضية الفلسطينية، كما يؤشر الفاعوري على أن مسألة التوحد بين الموقفين الشعبي والرسمي في هذه الأيام الصعبة والمعقدة، ينبغي أن تتحول بعيداً عن كونها شعاراً إلى استراتيجية عمل.
والمطلوب من أجهزة القرار والدولة مقاربة وفقاً لهذا المنطق وعلى هذا الأساس، تعيد احتضان المقاومة الفلسطينية أو تظهر في المقابل الاحترام لخيار الشعب الأردني الواضح والعلني في هذا الاتجاه.
وما يتحدث عنه السياسيون عموماً يتجاوز ما برز من وجود شخصيات قومية وإسلامية ووطنية مستقلة وحقوقية أردنية ضمن النشاط الذي استضافته إسطنبول وبكثافة واضحة الملامح قياساً طبعاً بممثلي دول العالم الأخرى، وكذلك الإسلامية. لكن، مهم في المقابل رصد نوعية الشخصيات السياسية الأردنية التي بدأت تدعم وتسأل عن مستقبل وإمكانية نفاذ وثيقة صاغتها هذه المرة شخصيات أردنية بعنوان النداء الفلسطيني.
وهنا يبرز الإجماع أكثر فأكثر في الحالة الأردنية التي بدأت تضغط على صناعة القرار المحلي، لا بل تحكم الاعتبارات هنا وهناك، بما في ذلك الاعتبارات الاقتصادية وتلك الاعتبارات المرتبطة حصراً بطبيعة التحالفات الأردنية والاصطفافات في الإقليم والمجتمع الدولي.
لذلك، تظهر اليوم بجرعة كبيرة دعوات الأردنيين بمستوى الطبقات السياسية وليس الشارع أو القوى الحزبية فقط، تحت عناوين استقطاب المقاومة الفلسطينية والتحدث معها وفتح الأبواب لها، لا بل اعتبار ما تقوم به الآن وهو ما قاله لـ «القدس العربي» رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب، في حديث خاص سيتم نشره لاحقاً بعنوان أن ما تفعله المقاومة الفلسطينية اليوم هو التأكيد على مصالح الأردن الأساسية. وحتى المناهضون للمقاومة الفلسطينية من الرسميين وبعض النشطاء، لا يستطيعون التأسيس لأي مواجهة علنية ضد اعتبارات الشغف الظاهر شعبياً ونخبوياً في البحث عن صياغات تشبيك وتضامن توفر بدورها شبكة أمان لمصالح الأردن في العمقين الفلسطيني والإسرائيلي.
لذلك، وبصفة عامة، بدأت الدعوة إلى إقامة علاقات مع فصائل المقاومة الفلسطينية، بل وإعادة قراءة الواقع السياسي الأردني الوطني نفسه الذي يستقطب أصواتاً لم يألف المجتمع المراقب عموماً وجودها في دعوات مثل هذا النوع، تحاول التأسيس لموقف رسمي ينجذب لأعماق المعادلة الفلسطينية، باعتبار ذلك حبل النجاة الحقيقي لمصالح الأردن في مواجهة ما سمّاه عدة مرات رئيس الوزراء الأسبق والسياسي البارز طاهر المصري، بالأطماع المؤكدة لليمين الإسرائيلي حتى في الأردن أو شرق نهر الأردن، وتلك مسألة لم يعد النقاش فيها عبثياً أو ينطوي على خجل، بل تتحول قصة دعوة الأردن للانقلاب على ما كانت تشكله 30 عاماً من عمر وسقف زمني لاتفاقية وادي عربة في اتجاه معادلة حماية ذاتية أكثر التصاقاً بخيارات إعادة الشرعية الفلسطينية والانتباه لاستراتيجية وأهمية تداعيات معركة طوفان الأقصى حصراً على الواقع الداخلي والعميق أردنياً.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى