اراء و مقالات

هل هناك «سيناريوهات محتملة» يتم تحضيرها في الملف الفلسطيني وتضر بمصالح الأردن؟

من خلال لقاءات في بروكسل وواشنطن وصولاً إلى الهند

عمان ـ «القدس العربي»: حتى الدكتور جواد العناني رئيس الديوان الملكي الأسبق، تحدث مؤخراً عن ضرورة الانتباه لسيناريوهات محتملة في الملف الفلسطيني تضر بمصالح الأردن «إذا لم نكن مستيقظين» وتتطلب بكل حال فتح خطوط قوية وصلبة مع جميع أطراف المعادلة الفلسطينية، بما في ذلك فصائل المقاومة.
قبل ذلك، وفي ندوة سياسية محتدمة، نبه وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، إلى وهم الاعتقاد بأن العلاقات الأردنية – الإسرائيلية بعد تداعيات ما بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر ستبقى كما كانت. المعشر بوضوح اعتبر بقاء تلك العلاقات كما كانت في الماضي حالة من الوهم.
والعناني الذي كان من أبرز رموز مرحلة الملك الراحل الحسين بن طلال، توسع بالتنبيهات والتحذيرات مؤخراً، واعتبر أن الأردن كما شرح لـ«القدس العربي» خصيصاً، ينبغي أن يجيب عن أسئلة في غاية الأهمية والحساسية مرحلياً، وأن المملكة يجب على أطقمها فتح الخطوط مع الجميع.
يقول العناني: «ينبغي كأردني اليوم، أن أحضر نفسي لشي أكبر من التوقعات ومن المواقف الكلاسيكية». المعشر بدوره، بعد حراك ملموس لبعض خبراء سياسيين خدموا في القصر الملكي سابقاً، طالب بالتأسيس وبأسرع وقت لحوار وطني يراجع أسس العلاقات الأردنية الإسرائيلية.
وما يلتقطه العناني في السياق هو تحليل يقول إن حكومة نتنياهو اليمينية تستهدف الأردن، لذا لا يوجد شيء حاسم في كل الترتيبات التي تجري ابتداء من لقاء بروكسل وحتى ما يترتب في واشنطن وغيرها من العواصم. ويطرح العناني مقاربة تسأل عن مصلحة الأردن في ظل البقاء في حالة تصعيد دبلوماسي غير حاسم، ويقترح الاستعداد لمرحلة تدافع فيها المملكة الأردنية الهاشمية عن نفسها ومصالحها بقوة وشراسة أكثر.

من خلال لقاءات في بروكسل وواشنطن وصولاً إلى الهند

ينبغي أن نكون جاهزين للتصعيد -يضيف العناني- وإلا فإن كل مصالح الأردن تصبح قيد ترتيبات غامضة أو مجهولة. ومن هنا لا بد من جهوزية حقيقية وعميقة حتى لا تبتلع مشاريع كبيرة في المنطقة حزمة المصالح الأردنية. ويتحدث العناني عن فهم الأردن المسبق لمصالحه عند الوصول إلى حالة التفاوض النهائي. ويرى أن ملفات مصلحية أساسية باتت على الطاولة هنا، مثل الحدود وترسيمها والوصاية في القدس وتبعية الكنائس، مفترضاً أن إجراءات يجب أن تتخذ بصيغة تراعي المصالح الأردنية حتى تتقبل عمان نتائج أي مفاوضات.
ويطرح العناني أيضاً سؤالاً افتراضياً: إذا انتهت النقاشات الغربية الآن بدولة فلسطينية مثلاً.. هل استكملنا الإجراءات الدستورية المطلوبة منا والمطلوبة لربط غزة بالضفة الغربية؟ يتحدث العناني الخبير عن تعديل دستوري تحتاجه مثل تلك النهاية في الأردن، وعن خرائط ينبغي أن تتغير وترسل في الأمم المتحدة، وعن حزمة تشرح التطبيقات العملية عند الوصول إلى هذه المرحلة.
يتلقى العناني مثل غيره بعض الدراسات والاستشعارات التي توحي بأن طبخة ما يتم تحضيرها، ويقدر بأن سوق المزايدة مليء بالسيناريوهات الآن وأن الواجب يفرض تشكيل مطبخ سياسي أردني على درجة رفيعة من العلم والمعرفة والقدرة يتولى إجراء فحوصات حيوية لترسيم المصالح مع مطبخ فلسطيني شقيق. وكان المعشر قبل ذلك من أوائل المحذرين مما سمّاه مشروعاً غامضاً الآن يتحدث عن إقامة كيان فلسطيني، فيما يطالب العناني بالانتباه وبحذر شديد لتفاعلات رأس المال اليهودي مع التيارات الهندوسية الحاكمة في الهند، مستعملاً عبارة «شيء كبير جداً يترتب هنا».
كل تلك التحضيرات تجاوزت الخطاب الشعبوي في الشارع الأردني، وبدأت تصدر حتى عن سياسيين أردنيين لديهم خبرات واسعة جداً في الملفين الفلسطيني والأمريكي تحديداً، مثل العناني والمعشر وغيرهما، فيما أصوات تحضير الأردن لنفسه دفاعاً عن نفسه عبر تمكين المقاومة وفتح الخطوط مع جميع الفصائل أصبحت تستقطب أصوات سياسيين كبار من الذين ربطتهم في الماضي علاقات عبر مؤسسة البلاط. ومن بين هؤلاء طبعاً رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب، الذي كان من أوائل السياسيين المبلغين عبر «القدس العربي» بأن الأردن ينبغي أن ينخرط في تواصل مع جميع الأطياف والمكونات في المشهد الفلسطيني.
أبو الراغب اعتبر، دون تردد، أن ما تفعله المقاومة اليوم في غزة والضفة الغربية هو تأسيس لقواعد تخدم المصالح الأردنية بالضرورة. وقبل ذلك، تميز رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات بإشارة واضحة تربط مستقبل المملكة ومصالحها الحيوية بمنتجات ومنجزات المقاومة الفلسطينية في غزة. لا بل ربط عبيدات أيضاً بين مصالح الأمة برمتها والشعلة التي أيقظت الوعي الإسلامي والعربي في قطاع غزة المستهدفين، وهو ضمناً ما يتفق معه العناني بلهجة أخرى وهو يشير إلى أن التحالفات الإسرائيلية ـ الهندية تحديداً ستغير خارطة ملامح المنطقة والإقليم، معتبراً أن القوة العربية الرسمية قد تدفع الثمن إذا ما لم تحصل استدراكات.
ويعني كل ذلك أن التفاؤل في عمان مع معطيات الدلالات التي أنتجها الطوفان الفلسطيني، وصلت وتصل إلى مناطق غير مألوفة أو لم تكن مألوفة بالعادة في ذهن النخب السياسية الأردنية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى