اراء و مقالات

نهاية آب «موعد مقترح»… الأردن في اتجاه إجراء «الانتخابات»… وهزيمة لسيناريو «التأجيل»

عمان ـ «القدس العربي»: انشغال النخب والأوساط السياسية الأردنية بالنبأ الذي تم تسريبه مساء الأحد عن زيارة ملكية وشيكة إلى الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات هو إيحاء مباشر بأن قرار إجراء الانتخابات النيابية قبل نهاية العام الحالي صمد تماماً في وجه التجاذبات المعاكسة فقط، وأيضاً إشارة مباشرة أكثر إلى أن مسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد سيمضي قدماً ويهزم ليس بمعزل عن تطورات معركة طوفان الأقصى فقط، ولكن أيضاً عن سياق الصراع الإقليمي.

تدشين الموسم الانتخابي

يبدو الإعلان عن الزيارة الملكية أو تسريبها بعدما أنهت الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات برنامجها في التجهيز والاستعداد نمطاً من الإيذان بتدشين الموسم الانتخابي وإيحاء بأن القصر الملكي سيستمر وفقاً للنص الدستوري بإجراء الانتخابات قريباً جداً.
وكان رئيس الهيئة المستقلة موسى المعايطة، قد أعلن أن هيئته جاهزة لوجستياً للإشراف على الانتخابات وتنظيمها، وأن موعد تلك الانتخابات سيتحدد بمجرد صدور الأمر الملكي. وفقاً لأحكام الدستور، يأمر الملك بإجراء الانتخابات وتحدد توقيتها في غضون أربعة أشهر الهيئة المستقلة.
وثمة مصادر ترجح أن يتم تحديد يوم الانتخابات المقبلة في الأردن قبل نهاية شهر آب/أغسطس المقبل، وهو توقيت يتواجد فيه بالبلاد عشرات الآلاف من المغتربين الأردنيين الذين سيشكلون قوة تصويتية لا يستهان بها.
وبعض المصادر تتحدث حصرياً عن يوم 27 من شهر آب المقبل لإجراء الانتخابات، الأمر الذي لو صدر تنسيب به سيؤشر على أن نظرية تأجيل وتمديد ولاية البرلمان الحالي التي تنشطت مؤخراً خلف الستائر هزمت ولم تعد قائمة، خلافاً لأن اعتبارات التطورات الإقليمية وفي جزئية تأثيرها على الملفات الداخلية، عزلت بتوجيه مرجعي.
وفي حال تحديد موعد للاقتراع، لا حاجة للتنسيب بحل البرلمان إذا كانت الانتخابات ستجري في نهاية آب المقبل. وقد يعني ذلك في المقابل، أنه لا حاجة لترحيل الحكومة الحالية، وإن كان رحيلها وتشكيل حكومة جديدة قبل استحقاق يوم الانتخابات تشرف عليها لا يزال بين الأوراق والسيناريوهات التي يحتفظ بها المستوى المرجعي.
وأغلب التقدير سياسياً أن الاتجاه وفقاً لرسالة مفترضة إذا نظمت زيارة ملكية للهيئة الانتخابية المستقلة قريباً، هو مؤشر حيوي على رفض سيناريو التأجيل والمضي قدماً بما تقرر وثيقة مسار التحديث السياسي التي قال الملك علناً إنها تشكل استراتيجية وطنية للمئوية الثانية بالدولة.
والاجتهاد هنا تقلصت مساحاته، لكن بالتوازي يسمح حسم ملف إجراء الانتخابات بالتمهيد لاستحقاق آخر في تغييرات هيكلية تطال المؤسسات السيادية والسياسية، وتطال أيضاً خارطة النخب والأطقم التي ستتولى إدارة السلطات عبر التعايش مع البرلمان الجديد.
وهو برلمان سيضم لأول مرة حصة لا تقل عن ثلث عدد الأعضاء لقوائم حزبية مباشرة، فيما الأحزاب السياسية قد يكون لها كلمة بالمقابل في حسم الفوز في العديد من الدوائر المحلية الفرعية التي لا يشترط القانون أن تترشح بموجب قوائم حزبية. في انتخابات 2024 ستحظى الأحزاب السياسية المسجلة بـ 41 مقعداً من أصل 130 مقعداً.
وفي الانتخابات التي تليها تخصص للقوائم الحزبية نحو 50 ٪ من عدد المقاعد، وصولاً إلى حالة ينتهي فيها التمثيل البرلماني حصراً عند أعتاب الحزبيين والأحزاب السياسية، بمعنى غياب المكونات الاجتماعية المحافظة والتقليدية ومراكز الثقل التي كانت تؤثر في الانتخابات عن واجهة البرلمان والسلطة التشريعية في الأردن.
تلك تجربة غنية وفريدة وغير مسبوقة، وميزتها -وفقاً لما شخصه بحضور «القدس العربي» عضو مجلس الأعيان والأمين العام لحزب الميثاق الوسطي الدكتور محمد المومني- التدرج والتثقيف الحزبي مع الحرص على كل معايير النزاهة والحياد، ونقل المجتمع إلى مستويات متقدمة من اختيار ممثلين له من سلطة التشريع على أساس البرامج. المومني كان بين من يتقدمون الصفوف في الدفع في اتجاه إجراء الانتخابات والقول بعدم وجود ما يبرر تأجيلها أساساً.

خلف الكواليس

ولعل هذه التصورات هي التي حسمت في اتجاه المرجعية لإجراء الانتخابات بكل حال خلف الستائر والكواليس بعيداً عن سياقات التجاذب الإقليمي؛ لأن الانتخابات بحد ذاتها فرصة وطنية لتوزيع المسؤوليات ومعالجة أي أزمات بمعيار وطني برامجي، على حد تعبير رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي الذي أبلغ «القدس العربي» مبكراً بعدم وجود ما يبرر تأخير الانتخابات حقاً.
عملياً، لو نجح دعاة التأجيل في فرض تصورهم لتأخرت أجندة مسار تحديث المنظومة السياسية والحزبية لعام أو عامين، وهو أمر يبدو أنه غير قابل للنقاش لأن الضمانات الملكية لدعم مسارات التحديث الثلاثية في الاقتصاد والإدارة والعمل السياسي كانت عملية ومتكررة طوال الوقت.
الحسم لجزئية مثل إجراء الانتخابات مفيد في الحالة الأردنية، لكنه رسالة جديدة وسط معمعان الاشتباك بالمستجدات الإقليمية والفلسطينية تحديداً.
وما ستوحي به أي زيارة لهيئة الانتخابات المستقلة هو أن صافرة السباق الانتخابي الحزبي قد انطلقت، وعلى الأطراف المعنية بمواصلة الاشتباك الإيجابي، على حد تعبير عضو مجلس الأعيان الدكتور مصطفى الحمارنة، الاستعداد والتجهيز للأسابيع المقبلة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading