اراء و مقالاتمقالات وآراء

برلمان «الوجوه الجديدة» في الأردن: أهم «قامات التشريع» خارج «اللجان» وتأزيم يدفع في اتجاه «عدم دستورية» نقابة المعلمين

 

 تبدو صيغة أقرب للاجتثاث على الطريقة العراقية منها للاصطفاف السياسي. مجلس النواب الأردني بحلته الجديدة يمارس الإقصاء الممنهج بحق نقيب المحامين الأسبق والقطب البرلماني وحليف الإخوان المسلمين، صالح العرموطي.
فعاليات جلسة الاثنين في برلمان الأردن الجديد توضح مجدداً دون شكوك، أن هندسة إقصاء الإسلاميين وتقليم كل ما تبقى من أظافرهم مستمرة حتى على حساب المهنية والكفاءة في بعض الأحيان. يقر غالبية 100 نائب جديد في البرلمان بأن خبرات العرموطي في القوانين والتشريع قد تكون الأفضل من بين أقرانه في المجلس الجديد مادام زميله المحامي عبد الكريم الدغمي، وهو أقدم مشرعي البرلمان الأردني، قد انسحب أصلاً من المشهد وبعدة لغات، حيث انتخابات داخلية انتهت برسالة تقول بعدم وجود مكان مهما صغر ومن أي نوع، لا للإسلاميين ولا لشركائهم، في لجان العمل تحت قبة البرلمان.
يحاول الرأي العام أن يفهم ما الذي حصل مع صالح العرموطي، فالرجل بصرف النظر عن مواقفه السياسية، خبير قانوني جدير بعضوية اللجنة القانونية التي تراجع التشريعات. لكن، وبصعوبة بالغة، حصل العرموطي على 52 صوتاً من 130 في البرلمان في حده الأقصى، فيما حصل محامون أصبحوا نواباً لا يمارسون المهنة منذ سنوات، على أضعاف هذا الرقم.

العرموطي والدغمي و«الإخوان المسلمون» تحت القبة لكن خارج المعادلة

حاول المخضرم عبد الكريم الدغمي، رغم خصومته السياسية مع الإسلاميين والعرموطي، مساعدة الأخير لإعلاء شأن الانحياز المهني فقط .. وحاول آخرون من قدامى النواب أيضاً، لكن التيار الجديد الجارف تمكن من إقصاء العرموطي عن اللجنة الأهم في مطبخ التشريع. و في كل حال، ذلك ثمن سياسي لمواقف الرجل في مسألة الغاز الإسرائيلي. وهو أيضاً ثمن سياسي في التحرك اللافت الذي يحاول حشر 9 من نواب كتلة الإصلاح البرلماني المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في أضيق زاوية ممكنة. وكان أبرز وأول المعلقين على المسألة المحامي والناشط النقابي البارز أحمد أبو غنيمة، الذي حاول تذكير الجميع بأن صالح العرموطي قامة وطنية ونقيب المحامين لأربع دورات، مشيراً إلى أنه تابع حجب الأصوات في عملية الفرز.
قال أبو غنيمة في تغريده له: رسائل الواتساب الصباحية فعالة، والعقلية لا تزال عقيمة. واصفاً ما حصل مع العرموطي بأنه نهج إقصائي استفزازي تمارسه الدولة. في الأثناء كان الدغمي يبلغ العرموطي بأنه حاول المساعدة ما استطاع، مشيراً إلى العيب في أن يرسب باللجنة القانونية نقيب المحامين.
موقف الدغمي، وهو قطب برلماني كبير، واضح هنا بعيداً عن الخصومة السياسية، لكن برلمان الأردن الجديد عملي أيضاً دون الدغمي نفسه، فالرجل تعرض لضغط حتى ينسحب من معركة انتخابات رئاسة المجلس التي فاز فيها المحامي والنائب عبد المنعم العودات تحت عنوان التغيير في الوجوه والأدوات والبرامج. وما حصل مع العرموطي عموماً في المحصلة ممارسة ديمقراطية في ظل أغلبية نيابية من الوجوه الجـديدة تـكتلت حـتى الآن في 4 اصـطفافات.
تخسر اللجنة القانونية، دون سبب سياسي أو وطني أو مهني واضح، قطباً في التعاطي القانوني، وتشهد اللجنة ومعها اللجنة المالية المهمة جداً زحاماً شديداً في سياق التنافس بتوقيع الرموز الجديدة في مجلس النواب. لكن الأهم أن ممثلي التيار الإسلامي في البرلمان خارج المناورة، والمواقع والمناصب في إدارة شؤون الملف البرلماني، وهي مسألة -بطبيعة الموقف- تناسب الحكومة والسلطات التنفيذية وخصوم جمـاعة الإخوان في الواقـع السـياسي.
يحصل ذلك فيما يتم تداول نسخة غير موثقة عن شكوى رفعها عدد من الأشخاص لدى محكمة بداية عمان العاصمة تدفع بعدم دستورية قانون نقابة المعلمين. ذلك أيضاً تطور لافت يوحي بأن التصعيد محتمل وقائم عندما يتعلق الأمر بملف شائك ومعقد قوامه النقابة الأضخم في البلاد، حيث أكثر من 100 ألف معلم تمثلهم نقابة اتهمت بأنها مسيسة ويتحكم فيها التيار الإسلامي وتتعرض الآن لهجمة تحت عنوان الدفع بعدم دستورية القانون الذي يوفر لها الغطاء. وذلك أيضاً تطور دراماتيكي في مسار الأحداث قد ينقل البوصلة نحو منطقة تأزيمية جديدة في الشارع عنوانها إخراج نقابة المعلمين من المعادلة ومن الواقع القانوني، وهو أمر قيد التجاذب والنقاش حتى داخل أروقة مجلس الوزراء الأردني. وطبعاً يحصل الأمر في ظل تساؤلات عامة عن مبررات العودة لذهنية التأزيم واستمرار نهج الإقصاء ليس للإسلاميين فقط، ولكن للنقابيين والمهنيين أيضاً.
وهي مسألة تحتاج إلى مراجعة ناضجة ومنطقية وإلى وقفة تأمل، كما يقترح أمام «القدس العربي» وعبرها نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي، وكما اقترح قبله الناشط أبو غنيمة وآخرون كثر، يحاولون فهم دلالات وتداعيات ما يسمى اليوم بالإقصاء الأفقي ومجازفة التغيير في الوجوه والأدوات واحتمالات حصول فوضى في مختلف أنماط التمثيل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى