اراء و مقالاتمقالات وآراء

أزمة المعلم الأردني بين «يتم محتمل» في الحلول و«تصعيد متبادل» يقصي الحوار

تداعيات كورونا تضرب في عمق ملف العلاوات وموظفي القطاع العام

خياران لا ثالث لهما أمام طرفي المعادلة في الأزمة التي تتجدد الآن في الساحة الأردنية بعنوان «علاوة المعلمين». وعندما يتعلق الأمر بنقابة المعلمين نفسها، فالميل واضح لخيار التصعيد بدلاً من الحوار، وعلى أساس أن حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز تحاول استغلال أزمة فيروس كورونا للتراجع عن علاوة قررت بموجب اتفاق مكتوب قبل نهاية العام الماضي.
التشدد واضح في لغة نقابة المعلمين ورمزها نائب النقيب الدكتور ناصر النواصرة، المحسوب بدوره على الحركة الإسلامية مع ثلاثة فقط آخرين من أعضاء مجلس النقابة يمكن اعتبارهم في النقاشات الداخلية الأكثر ليونة واعتدالاً، قياساً على بقية أعضاء المجلس، بدون ميل للتفريط في ما تـقرره النقابة من مسارات في التصعيد للمطالبة بـالعلاوة.
التوازنات داخل مجلس النقابة ليست في صالح الإسلاميين، لأن نظراءهم الذين يملكون أغلبية التصويت متشددون أكثر، مع أن السلطات السياسية والحكومية تريد أن تتهم الإسلاميين قبل ودون غيرهم، ومع أن الحركة الإسلامية لا تتدخل -حسب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة- فيما تقرره النقابات المهنية، وإذا تدخلت فضمن ممثليها فقط الذين تم أصلاً أقصاؤهم بتوفير بدلاء لهم في بعض النقابات.

في كل حال، وأمام «القدس العربي»، يقترح نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي، مقاربة وطنية على أساس الحوار الفعال والمنتج، ليس فقط احتراماً للظروف العامة وتقديراً لها ولكن أيضاً على أساس عدم المساس بحقوق الشرائح الاجتماعية.
ثمة في الأزمة المتجددة اليوم مع شريحة المعلمين قنوات يمكن أن تلعب دور الوساطة. لكن بعضها مرفوض من جهة السلطة، وبعضها الآخر تطلب منه نقابة المعلمين عدم التدخل، مع أن الأزمة ستصبح أفقية إذا ما أصرت نقابة المعلمين على استعادة علاواتها المالية التي تم تجميدها بموجب أمر دفاع مع جميع العلاوات لكل موظفي القطاع العام. وتحتاج نقابة المعلمين، بموجب قانون الدفاع والظروف الاستثنائية الناتجة عن أزمة كورونا، إلى خطاب غير تقليدي يحاول التفهم ويسعى للتحاور بدلاً من التشدد والتخشين.
لكن.. حتى تستطيع الحكومة تقديم شيء لأي حوار ملموس يعفي الساحة الوطنية من تلغيم جديد، عليها أن تظهر بالمقابل أدلة على إمكانية البحث عن ملاذ في إقامة حوار ينتهي بتقديم شيء لا أحد يعلمه، حتى اللحظة، للجناح المعتدل في مسألة العلاوات بقطاع شريحة المعلمين التي تحظى بكل الأحوال بتضامن شعبي عارم.
وستحظى لاحقاً، إذا ما استعصت الحوارات ونوافذها، بتضامنات عشوائية وارتجالية من شرائح وقطاعات تعرضت لخسائر فادحة خلال أزمة كورونا، الأمر الذي ينتهي بتفجير لغم خارج سياق معادلة نقابة لديها مطلب وحكومة تريد التفاوض، وهو بالتأكيد مشهد لا أحد عاقل في البلاد أو بين العباد يريد ملامسته الآن في الظروف الحساسة اقتصادياً وإقليمياً في هذه المرحلة.
للحوار أو التفاهم كلفة، وهي أفقية على جميع الأطراف، والتشدد إذا تم التعبير عنه بالتلويح بالشارع فقط قد يصطدم هذه المرة بخيارات دولة وليس فقط بوصلة حكومة نتج عن أزمة كورونا عجز مالي عندها أو سينتج، بقيمة مليار دينار.
وقد يكون البحث عن مقاربة وسطية هو الأساس في هذه المرحلة، فالناشط أحمد أبو غنيمة يحذر من حملة مبكرة تشيطن نقابة المعلمين بالأدوات البالية السخيفة نفسها، ويرفض المزايدة على شريحة المعلمين ونقابتهم، خصوصاً من جهة الأيدي المرتعشة التي لا تنصر وطناً ولا تبني أمة.
هذا خطاب تحذيري ينبغي التوقف عنده من ناشط خبير إذا بحثت الأطراف عن مقاربة حوارية لا يمكنها أن تنجح ضمن معطيات الخطاب الرسمي الكلاسيكي التي تكتفي أو تقف عند حدود اتهام وشيطنة نقابة المعلمين فقط، أو اتهام وشيطنة الأخوان المسلمين، بدلاً من الاستثمار فيهم وتحويلهم إلى وسطاء وطنيين قادرين على إزالة لغم.
لا يبدو الاحتكاك تحت عنوان الاستعادة القسرية للعلاوات الملغية بسبب الفيروس كورونا هو الحل اليتيم؛ لأنه يقود إلى الصدام بعد الاحتكاك. وبصرف النظر عن حسابات الطرفين في النقابة والحكومة، لا بد من القول بأن سياسة ليّ الذراع في ظل قانون الدفاع تنقصها الحكمة.
ومقابل ذلك، لا فائدة ولا حكمة مرتجاة في حال السماح فقط بتسرب ذلك الخطاب الخشبي الذي يشيطن الإسلاميين مرة، ويقف عند حدود اتهام المعلمين مرات. في كل حال، تخشين نقابة المعلمين على نحو أو آخر هو أحد أبرز تداعيات الوجه المالي والاقتصادي القبيح لأزمة كورونا. وفي كل حال، مفتاح الحل هو بتسوية تبدأ بحوار بعيداً عن لغة الاتهام والشيطنة، وبالتأكيد بعيداً عن الشارع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى