اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن بين أزمة المستجدين في «إدارة الأزمة» و«فرصة» الاستثمار بالصمود في وجه «كورونا»

 صمت المعلقون والمعارضون ومن لديهم وجهة نظر والخبراء لمدة شهر كامل بعدما انشغل الجميع في الحالة الأردنية بمنح حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز فرصة الاشتباك مع حالة الخطر التي يمثلها فيروس كورونا.
حظي الرزاز بإرادة ملكية تقضي بتفعيل قانون الدفاع، ما يعني ضمنياً صلاحيات كبيرة جداً لم يعرف بعد ما إذا كان الطاقم الوزاري العامل مع الرزاز مؤهلاً لإنفاذها. ودخلت الحكومة، بعد تفعيل قانون الدفاع، بحزمة إجراءات قاسية تفهمتها جميع الأطراف في الدولة ومؤسساتها وفي الشارع ومؤسساته، وبدا ظاهراً أن المزاج الشعبي العام مؤمن بأن تحصل الحكومة على «فرصة متكاملة» في إدارة الأزمة دون «زحام» من مراكز القوى ودون «سلبية» تعيق الحركة. الفضل في الانطباع هنا يمكن رده سياسياً وبيروقراطياً للثقة التي اكتسبها من الجميع وفوراً وزير الصحة الدكتور سعد جابر، وهو طبيب وجنرال ودود، حمَلته الصدفة فقط إلى موقعه الوزاري قبل انفجار لغم الفيروس في حضنه.
في المسار الإعلامي، وهو الأهم في مخاطبة المزاج الشعبي، حظي وزير الإعلام الناطق الرسمي أمجد عضايلة، بحصة وافرة من الأداء الثابت المقنع للجمهور، بسلسلة منتقاة من التصريحات والبيانات الواضحة.

الجنرالات تركوا «الميكروفون» ومشروع «الدمج الأمني» نجح في الاختبار الوطني

وخرج للناس وزير المالية الدكتور محمد العسعس بتعليق «إنساني» تحدث فيه عن وجود «موارد» وعن خسائر بصحة 56 أردنياً فقط، مطمئناً الناس قبل أن يصل الاطمئنان إلى مداه الأقصى، بنزول القوات المسلحة إلى الشارع وسط ارتياح عام. وكانت المسألة حتى هذه المرحلة تتعلق بإجراءات الحجر الصحي والعزل للمصابين فقط. لاحقاً، قرر الرزاز الاستثمار سياسياً أكثر في قانون الدفاع الذي يتيح له صلاحيات واسعة، وبرز أن ثلاثة وزراء على الأقل يحاولون «الظهور» بالمشهد في «إعاقة» صعب إنكارها لخطاب الحكومة اللين، فيما يتراجع الخبراء المخضرمون مثل وزير الداخلية سلامة حماد والوزير جابر لصالح «تزاحم» ملموس في «خلايا الأطقم الوزارية».
حصلت أخطاء أقر بها العضايلة علناً واعتذر عنها الرزاز مسبقاً، وبرزت اجتهادات لها علاقة بتداعيات « قرار حظر التجول الشامل» لأربعة أيام فجأة، الذي طالب به الرزاز وحظي به في المحصلة، لتبرز سلسلة من الإشكالات في كل التعبيرات الميدانية البيروقراطية على الأرض.
خلل في توزيع «تصاريح التنقل».. خسائر فادحة في القطاع الزراعي جراء تلف المزروعات بسبب الحظر.. تجار خسروا الملايين بأربعة أيام حظر تجول جراء تعطل الحركة وإجازات القطاع العام وبضائع في المستودعات قيل في مركز الأزمات إنها كانت مخصصة لشهر رمضان المبارك.. اجتهادات بالجملة في المسار البيروقراطي، وتصريحات»غير موفقة» لبعض الوزراء، وتعدد مرجعيات عند التفصيل وآلية تواصل فوضوية إدارياً أحياناً في مركز الأزمات.
و»زهد» كبير في الحضور والأضواء يقابله عمل مجهد ومعقد في الميدان لرموز المؤسستين العسكرية والأمنية، الذين التزموا بتمكين حكومة الرزاز ميدانياً ودستورياً من صلاحيات قانون الدفاع بكل «امتثال دستوري».
الرمز الأكبر لتجنب الزحام والأضواء والقيام بالواجب الأهم في الشارع ووسط المجتمع.. كان مدير الأمن العام الجنرال حسين حواتمة، حيث «استجابات» استراتيجية و»تكتيكية» فعالة يومياً وعلى مدار الساعة في أول «اختبار ناجح» عملياً لمشروع «الدمج الأمني». توقف الجنرال حواتمة عند «العمل» تحت الضغط بمهنية واحتراف، وترك الميكروفون لمن وصفهم وزير الإعلام الأسبق والكاتب الصحافي الكبير راكان المجالي، وهو يتحدث مع «القدس العربي» بـ»بعض الأغرار المهتمين بالاستعراض والميكروفون» من صغار التجربة والحنكة.
مفردة «أغرار» تصرف في الأردن لشريحة «المستجدين»، والشعور الآن بأن إدارة الأزمة حتى اللحظة فعالة في النتائج الوطنية، لكن فيها مؤشرات أزمة بسبب تزاحم بعض الجدد من المسؤولين، حيث يلاحظ المجالي أن قرار «حظر التجول الشامل» قرار كبير واستثنائي ولا يعرفه الشعب الأردني، والإجراءات تحتاج إلى «خبرات عميقة» أبعد مما شاهدناه عند بعض المسؤولين مؤخراً. حتى رئيس الأركان، الجنرال يوسف حنيطي، اعتزل الظهور رغم أن قوات الجيش هي التي يصفق لها الشارع وتتحمل العبء الأكبر ودخلت بقوة لإسناد الحكومة بموجب تكليف ملكي ومبادرات بالجملة من الملك عبد الله الثاني شخصياً وولي العهد الشاب الأمير حسين بن عبد الله. حتى الآن الأردن في سياق إجرائي فعال ويؤمن بالوقاية، ويعمل على الحد الأدنى من الخسائر مقابل «انفلات بالوعي الجماهيري» صعب إنكاره.
لكن بلغة الأرقام المتعلقة بفيروس كورونا الخطير «ثمة أمل» اقتصادي واستثماري أيضاً في حال النجاح بتحويل «الأزمة إلى فرصة»، كما يشرح لـ»القدس العربي» خبير اقتصادي يدير استثمارات صناعية لصالح الدولة الأردنية من وزن الدكتور لؤي سحويل.
الدكتور سحويل يقرر بأن الإدارة الأردنية للأزمة «متفوقة» حتى الآن وفعالة، وتحليل الأرقام يقول ذلك؛ لأن الأرقام تقرأ اقتصادياً بالمقايسة والمقارنة بالمحيط والدول المماثلة إذا ما تعلق الأمر بالوقاية وفعالية النظام الصحي وعدد الإصابات وكيفية الاحتواء والسيطرة على الأداء الصحي وعدم تسجيل وفيات بحمد الله. يقترح سحويل بأن الفرصة متاحة حتى استثمارياً وعقارياً إذا تواصل وعي الجمهور، ونجاح خطة الاشتباك الأردنية، وعبرت المملكة -وعلى الأرجح ستعبر بإذن الله- أزمة الفيروس، حيث الفرصة ستكون بالميدان أيضاً وتحتاج إلى «من يلتقطها»، وينبغي من الآن الاستعداد لها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى